آفاق نمو الاقتصاد الأردني
م. حمزة العلياني الحجايا
29-01-2023 11:19 AM
المطلوب خلال السنوات المقبلة توجيه السياسات الاقتصادية للمحافظة على استمرار ازدهار النشاط الاقتصادي، واستكمال إجراءات إصلاح البيئة التنظيمية والتشريعية لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية في القطاعات الاقتصادية التي تملك الأردن فيها ميزة تنافسية وإمكانات تصديرية مستدامة، وإتاحة مجال أكبر لمشاركة القطاع الخاص في توليد النمو الاقتصادي، وايجاد فرص العمل، وزيادة مستويات الاستثمارات والصادرات.
حقق الأردن معدل نمو في الناتج المحلي الحقيقي فاق التوقعات خلال النصف الأول من عام 2022، والذي تسارع إلى 2.7 بالمائة مدفوعاً بانتعاش قوي في قطاع الصناعات الاستخراجية نسبته 7.4 بالمئة، تلاه قطاع الإنشاءات بنسبة 4.9 بالمئة، ثم قطاع النقل والتخزين والاتصالات بنسبة 4.5 بالمئة، ومن ثم قطاع تجارة الجملة والتجزئة والفنادق والمطاعم بنسبة 3.9 بالمئة، كذلك ارتفع الدخل السياحي للمملكة بنسبة 115 بالمئة ليصل إلى 5.3 مليار دولار.
نجاح الأردن في الحفاظ على تحقيق معدلات نمو إيجابية مدعومة بثقة كبرى المؤسسات الدولية وذلك في ظل الأزمات العالمية المتعاقبة من كورونا إلى الحرب الروسية الأوكرانية وأزمة تعطل سلاسل الإمداد والتوريد العالمية، وفي الوقت الذي عانى فيه كثير من الاقتصادات العالمية من ارتفاع التضخم، حيث نجحت المملكة في تسجيل معدل تضخم بين الأدنى عالمياً عند 4.22 بالمئة بسبب ارتفاع أسعار الطاقة، مما شكل ثقة كبيرة في قدرة الاقتصاد الأردني على التعافي وتعزز ثقة المستثمرين في الأسواق الأردنية.
صندوق النقد الدولي توقع ان عام 2023 سيكون صعبا على معظم الاقتصادات العالمية مع احتمالية دخول الاقتصاد العالمي في مرحلة ركود في ظل سياسة التشديد النقدي من البنوك المركزية العالمية، حيث تعاني معظم المحركات الرئيسية للنمو العالمي، وهي الولايات المتحدة وأوروبا والصين، من ضعف نشاطها الاقتصادي وتراجع في النمو الاقتصادي. حيث بلغ متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للاقتصاد العالمي في الفترة (1980- 2021) حوالي 3.37 بالمئة، وبلغ متوسط نمو الاقتصادات المتقدمة 2.33 بالمئة، ومتوسط نمو اقتصاد منطقة الشرق الاوسط 3.32 بالمئة.
السياسات الاقتصادية فى المملكة ينبغى أن تركز على تشجيع الاستثمار المحلى والأجنبى، والنهوض بالتشغيل، والارتقاء بالقطاع غير المنظم. حيث ان الاقتصاد الأردني يتشكل من محيط هائل من المشروعات الصغيرة جدا، والصغيرة، والمتوسطة التى تعمل بمستويات منخفضة من الإنتاجية. لذلك يجب التركيز على رفع إنتاجية هذه المشروعات وتحسين شروط العمل، والذى سيتواكب مع رفع مستوى الإنتاجية، وتعزيز الترابط بين المشروعات كلها، لتنتقل إلى القطاع المنظم خاصة إذا كانت ثمة حوافز تشجع على هذا الانتقال، حيث ان الاستثمار والتشغيل ينبغى أن يكونا هدفين متلازمين.
رؤية التحديث الاقتصادي حددت السلع والخدمات التى يوجد للاقتصاد الاردني فيها ميزات تنافسية تستخدم الطاقة النظيفة، حيث ان تصدير السلع والخدمات يمكن أن يدرّ إيرادات ضرورية لاستيراد المواد الغذائية والسلع الرأسمالية ومدخلات الإنتاج وغيرها، وبالتالي تخفيض العجز التجاري للمملكة حيث بلغ 8.137 مليار دينار، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2021 والبالغة 6.125 مليار دينار. أيضا إنتاج السلع والخدمات المطلوبة هو السبيل إلى تشغيل اليد العاملة تشغيلا منتجا يوّلد أجورا لائقة تلبى احتياجات العمال وأسرهم وترتفع بمستويات معيشتهم.
ليحدث ذلك، لا بدّ من تحديث سياسة التشغيل لتشمل خارطة المهن المطلوبة فى عمليات الإنتاج، وتطوير سياسة التدريب المهنى، وقبلها من سياسات التعليم المهنى والجامعى لمواكبة سوق العمل، بالاضافة لجذب المواهب والاحتفاظ بها. ويجب على الحكومة أن تساند عمليات الإنتاج بتيسير الائتمان للقطاعات المعنية، وبدعم البحث العلمى فيها، وبمساندة تسويقها من خلال الاتفاقيات والعلاقات الدولية.
أخيرا تنفيذ أجندة التحول الرقمي الطموحة ستشكل بعدا مهما باعتبارها مسالة رئيسية ستؤثر على إيرادات الأعمال خلال العقد المقبل، حيث وجد استطلاع الرؤساء التنفيذيين من بي دبليو سي الشرق الأوسط هذا العام أن ثلثي الرؤساء التنفيذيين في المنطقة يسعون للاستثمار في عمليات وأنظمة الأتمتة واستخدام التقنيات السحابية والذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة الأخرى في شركاتهم لرفع الكفاءة.
الغد