"فاسيل بيتروفيج" الرئيس الذي استقوى بالغرب
د.حسام العتوم
29-01-2023 10:42 AM
غريبة فعلا هي شخصية فلاديمير زيلينسكي رئيس أوكرانيا أو ما تبقى منها حول العاصمة "كييف" الذي صعد الى سلطة بلاده بالإنتخاب وبأصوات مرتفعة ليس من وسط ميدان عاصمة بلاده فقط، وانما من وسط خشبة مسرحية "خادم الشعب" وتقمص لصاحبها فاسيل بيتروفيج هولوبوردوكو، والذي هو الكوميدي نفسه زيلينسكي، الذي أصبح رئيسا لأوكرانيا عام 2019 خلفا للرئيس السابق بيترو باراشينكا الذي كان وزيرا للخارجية والإقتصاد في حكومة الرئيس الموالي لروسيا فيكتور يونوكوفيج، وقاد زيلينسكي فرقته الكوميدية " كفارتال 95" عام 2003 ولم يعرف وقتها بأنه سيصبح رئيسا للبلاد بعدما فقدت بلاده في عهد سلفه باراشينكا اقليم " القرم " الذي ركنه الاتحاد السوفيتي في العهدة الاوكرانية منذ زمن نيكيتا خرتشوف عام 1954، وحتى في زمن الرئيس فلاديمير بوتين حتى عام 2014 أي (60) عاما، وهو عام انقلاب (كييف) على الحضور السياسي والاقتصادي الروسي أولا، والذي لم تقبل به "موسكو" لأسباب جيوسياسية وفي مقدمتها المحافظة على موقع الاسطول السادس النووي الروسي – السوفيتي في جذوره، ولكي لا تستبدله ( كييف ) وبالتعاون مع الغرب المتآمر على روسيا الى اسطول سادس أمريكي معادي .
منذ البداية عملت أوكرانيا المستقلة عن الاتحاد السوفيتي عام 1991 على المحافظة على استقلالها ولكن بطريقة خاطئة واضحة ووعرة عبر الشروع في ضم "القرم" وشرق وجنوب البلاد قسرا وبقوة السلاح، والإستقواء مبكرا على روسيا بالغرب، وهو الأمر الذي تطور عام 2022 الى عملية روسية خاصة تحريرية استباقية طاردة للتطرف البنديري والأزوفي الذي تسبب في مقتل أكثر من 14 الفا من المواطنين الاوكران الناطقين بالروسية ومن الروس في زمن التلاحم الجغرافي والديمغرافي المتداخل بين روسيا وأوكرانيا الذي جسد التاريخ والحاضر والمستقبل معا، وطوره الغرب بقيادة أمريكا وحلف (الناتو) المعادي لروسيا لحرب مفتوحة قصدت منها استنزاف روسيا عبر تدمير أوكرانيا، واستمرار الحرب الباردة وسباق التسلح لتحقيق فائدة لتجار السلاح في الغرب أيضا، من دون أن يعرف الغرب حسب رؤيته الإستراتيجية بأن الإستنزاف سيصيبه أولا، ومجرد وصول رقم ما انفقه الغرب على الحرب الأوكرانية من سلاح حديث ومال أسود الى مائة مليار دولار مؤشر على ذلك ويصب في فقدان جيوب خزائن الغرب لوفرتهم المالية في زمن حاجتهم للطاقة التي كان من الممكن أن يتنعموا بها من روسيا عبر مشروع الغاز 2، وهو الذي تآمروا عليه لاحقا عبر تفجيره الى جانب جسر (القرم) الحيوي والخادم لسكان القرم وزوراه .
نعم فإن شخصية الفنان الرئيس زيلينسكي محتاجة لوضعها تحت المجهر، وهل هي مثلا استخبارية ثلاثية الأبعاد " ترابيل ايجينت" أوكرانية غربية وصهيونية وغربية خاصة أمريكية وروسية أيضا، والمعروف بأنه ينحدر من عائلة يهودية، ويتحدث الروسية والإنجليزية بصوت مبحوح، وسبق له أن درس في اسرائيل، ووجه لها رسالة مفادها أن عداء العرب لها يساوي عداء روسيا لأوكرانيا، وهو محض هراء وقصر نظر فقط، ولقد عمل من حيث يدري أو لا يدري على تدمير بلاده أوكرانيا وتسبب في خسرانها لأقاليمها الخمسة " القرم، ولوغانسك، ودونيتسك " الدونباس "، وزاباروجا، وجانب من خيرسون " بعدما رفض سكانها وعبر صناديق الاقتراع والحماية العسكرية الروسية الإنضمام لسلطة "كييف" المحسوبة على التطرف الشديد البنديري والأزوفي، وجر روسيا لحرب مع بلاده أوكرانيا وهو لا يقوى عليها أكيد بسبب فقدان التوازن العسكري وميوله بقوة لصالح روسيا، والتسبب من جديد في استنزاف خزائن الغرب المالية كما ذكرت هنا وأذكر دائما في مقالاتي التحليلية المتخصصة، واسرائيل على خط الحرب لتصفية حسابات مع روسيا بسبب موقفها الواضح والشجاع والذي يتفوق على الموقف الأمريكي في موضوع القضية الفلسطينية العادلة الواجب أن ترى النور بقيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس المحتلة الى جانب دولة اسرائيل .
يخطيء زيلينسكي وللمرة المليون ومعه الغرب مجتمعا بقيادة أمريكا وحلف (الناتو) إن واصلوا الإعتقاد بأن السلاح الغربي الحديث والذي تتقدمه دباباتهم الحديثة (تشالينجر، وأبرامز، وليبارد)، بأنه قادر على احداث الفرق في ميدان المعركة بينما هو تحت مرمى الجيش الروسي وسلاح جوه وشبكات صواريخه المحرر الذي أرعب جورجيا – سااكاشفيله عام 2008، وهو حق شرعي له في المقابل ولمواجهة التصعيد الغربي المتوقع، ويخطيء من يعتقد بسبب تفكيره السطحي ذات الوقت بأن الجيش الروسي (ضعيف) ولا يقوى على المقاومة والتحرير وصد الغرب الغازي، وهو المجهز على المستويات التقليدية وفوق النووية والفضائية والبحرية لأن يبقى أقوى جيشا في العالم عبر استراتيجية مدتها عشر سنوات متجددة، ولديه جاهزية خوض حرب رادعة نووية عالمية ثالثة اذا فرضت عليه، والتفوق الحاصل الغربي هو اعلامي أكثر يكشف خسائر روسيا العسكرية فقط ويحجب الرؤية عبر التضليل عن خسائر حلف (الناتو) في وقت هو محتاج فيه الاعلام الروسي للخروج الى لغات العالم الرئيسة الكبيرة لتبيان المؤامرة على روسيا العظمى التي يراد لها أن تتلاشى من على وجه الأرض وتتقسم وينعم بمصادرها الطبيعية الغرب حسب دراساتهم الغوغائية.
وبموضوعية اقول هنا بأن فشل المشروع الإستراتيجي السياسي الغربي بشأن الحرب الأوكرانية انسحب على عسكرة الغرب والدفع بمزيد من السلاح الحديث بهدف احداث حالة من التوازن العسكري السرابي بين غرب أوكرانيا والعاصمة (كييف) وبين روسيا الاتحادية لتحقيق سلام الند للند، وهو المستحيل، ولا سلام يمكن أن يحققه المتأمر الغربي على روسيا التي أُجبرت على الحرب دفاعا عن اهلهم الروس واخوتهم الأوكران معا، وعن سيادتها، والأقاليم الخمسة سابقة الذكر هنا أصبحت جزءا لا يتجزأ من سيادتها الكبرى والى الأبد، وزمن اقليم (الاسكا) الذي باعه القيصر الكسندر الثاني عام 1867 لأمريكا قد ولى، والان العالم أمام عهد الرئيس الفولاذي فلاديمير بوتين وشعوبه الروسية بالحفاظ على سيادة روسيا الاتحادية وأمنها واستقرارها حتى يرث الله الأرض وما عليها، والمطلوب من الغرب قبل الشرق ومثله تقديم السياسة على العسكرة، والسلام والتنمية الشاملة على الحرب، ولا توجد حرب مهما طالت ومنها الحربين العالميتين الأولى والثانية الا وانتهت الى سلام، وتأسيس الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، والمحكمة الدولية في (لاهاي) مؤشرات على ضرورة المحافظة على الأمن العالمي واستقرار شعوب وسيادات دول العالم كافة.