دراسة: الفقر والجهل والظلم أسباب لنشوء منظمات التطرف
د.محمد البدور
28-01-2023 08:32 PM
في دراسة استقرائية وتحليلية لطبيعة وهيكلية تنظيم الجماعات التي اتفق على تسميتها دوليا تنظيمات ارهابية واطلق على افرادها مسمى ارهابيين او متطرفين والذين انطووا تحت ظل منظمات اتسمت افعالها بالعنف والاجرام وتشكلت بعيدا عن الاطار القانوني الدولي والاحكام القانونية المشروعة للدول التي نشأت على اراضيها تلك الجماعات، خلصت تلك الدراسة التي استندت على تحليل مقابلات اعلامية او تقارير سياسية وامنية او اراء خبراء ومتخصصين في علم الاجتماع والطب النفسي او مفكرين وفقهاء في الدين وكذلك مقابلات مع بعض هؤلاء الاشخاص الذين اتهموا بالتطرف والارهاب والقي القبض عليهم من السلطات الرسمية واجهزة الدول الامنية، خلصت الى
حزمة من الحقائق والاسباب التي ادت الى ظهور تلك الجماعات وكذلك السمات التي تتصف بها وطبيعة معتقداتها وتكوينها الفكري والنفسي والى غير ذلك.
*وصف الظاهرة:
لقد الصق مفهوم الارهاب خلال العقدين الماضيين وفي العصر الحديث بالتطرف الديني الاسلامي ونادرا ما التصق بتطرف عنصري او عرقي او سياسي وغيره
* اسباب الظاهرة:
- الفقر والبطالة والشعور بالظلم وغياب العدالة في بلدانهم وكذلك اختلال المكاييل الدولية في التعاطي مع القضايا والحقوق
التي تتعلق بامتهم واعتقادهم بالمؤامره على حقوقهم ووجودهم ومحاربة الدين الاسلامي وقد تولد عن تلك القناعات والمعتقدات العدوانية تجاه سلطات بلادهم لاعتقاد هذه الجماعات بتقصيرها بالدفاع عن شعوبها وكذلك النقمة على الانظمة السياسية الدوليه وخاصة اوروبا وامريكا ودعم تلك الدول حسب اعتقادهم لكل التحالفات الدوليه ضد دينهم وامتهم الاسلاميه ومواقفها الداعمة للاحتلال الاسرائيلي لفلسطين وكل ذلك انما شرع لهذه الجماعات ان تتكون في تنظيمات قتاليه وعسكرية تحاول من خلالها فرض اجنداتها والدفاع عن حقوقها والانتقام من خصومها ٠
- الجهل :
هذه الجماعات بمعظم افرادها غير متعلمه تعليم عالي واكثرها تملك مؤهلات تعليمية ابتدائيه وليس لها ثقافات نيره او تنوير معرفي
لذلك يسهل الاستثمار بعقولها وتوجيهها الى حيث يريد قادتها بغض النظر عن اجندات هؤلاء القادة سواء السياسيه او الدينية وغيرها وكثيرا ماتنجر تلك الجماعات وراء معتقدات يسوقها هؤلاء القاده لهؤلاء الافراد ومثل ذلك ما توهمت به تلك الجماعات في سوريا والعراق من اقامة دولة للخلافه الاسلاميه بما عرفت "داعش " او جماعة "بوكو حرام" في نيجيريا وهي مجموعه سلفيه متطرفه دينيا تقاتل لاجل محاربة التعاليم والثقافة الغربيه وتعتبرها حرام وبهذا السياق فان كثيرا من عمليات القتل والانتحار التي نفذها افراد تلك الجماعة بحق مسلمين امثالهم انما كان سببها تكفير تلك الجماعات عن جهل لغيرها وكذلك ماغرسه في نفوسهم رجال افتاء مزيفين يصدرون لهم فتاوى باجرامهم انهم ذاهبين للجنة فور قتلهم نتيجة افعالهم الاجراميه .
- صنيعة سياسية:
قد تكون تلك المنظمات الارهابية صنيعة سياسيه تهدف الى تحقيق اهداف واغراض سياسيه حيث تمهد تلك الجماعات لخلق بيئة جاذبة لمخططات اجنبيه في الاراضي التي تترعرع فيها تلك الجماعات تحت تبرير درء خطرها عن الانسانية وحماية العالم من مخاطرها وشرورها لذلك كثيرا ماتجد قيادات تلك التنظيمات الدعم والاسناد المالي والعسكري من بعض الدول التي تجد تقاطع مع مصالحها في تكوين تلك الجماعات المتطرفه وافعالها ومثل ذلك تنظيم القاعده والذي تلقى الاسناد الامريكي ومن دول اخرى خلال وجوده في افغانستان التي كانت تسيطر فيها روسيا على ذلك البلد والذي كانت تقاومه امريكا ٠
- الفراغ العاطفي وفقدان الذات :
كثير من افراد تلك الجماعات انما وجدوا في انطوائهم تحت ظل تلك التكوينات الدموية ملاذا لبطولاتهم التي لم يحققونها في مسيرة حياتهم نتيجة فشلهم او عجزهم عن بلوغها سواء الماديه او المعنويه او الاجتماعيه ومثال على ذلك ان احد افراد تلك الجماعات كان بائع احذية على بسطة في نفق في الزرقاء وفجأة انضوى تحت ظل تيار ما وذهب الى دولة مجاورة تشهد صراع داخلي وعندما قتل اعلن انه زعيم التيار الجهادي ابو "كذا " فتلك الرتب والمسميات توزع الى هذا وذاك كحافز معنوي يشجع تلك الفئات القاصرة تعليميا وثقافيا واجتماعيا وماليا للتمتع بتلك الامتيازات الزائفه والمخادعه ٠
* نتائج تلك الدراسة:
التنظيمات المتطرفه افرادها هم من الفئات الاقل تعليما والاكثر فقرا وبطالة او تفكك اسري او تشرد اجتماعي او الذين اعترى الفشل وعدم النجاح في حياتهم او اولئك المهمشين في الحياة ولايفتقدون قيمة وجودهم في مجتمعاتهم وبلدانهم ويعانون من عدم تقديرهم لذاتهم مما يتسبب ذلك شعورا بخيبة املهم في حياة افضل ويعتقدون ان في انحرافهم الفكري وحملهم السلاح وسيلة لاثبات الذات تحت غطاء ديني او طائفي او عرقي ولكن اكثر مظلة يأتون تحتها مظلة الدين وخلصت الدراسة الى ان تلك الفئات سرعان ماتتراجع عن مبادئها الزائفة بمجرد زوال قياداتها وحوافزها وامتيازاتها وانهزامها ومع تغير الظروف من حولها كالملاحقات الامنيه او انهدام مصادر قوتها وانعدام مواردها مما يتسبب بتشتتها وزوالها كتنظيمات وتعود للحياة بمجرد الانفراد بها وتوجيهها وقليلين من يتمسكون بمعتقداتهم القتاليه او الاستشهاديه اذا ماتفككت تنظيماتهم وزالت مصادر تغذيتها الفكريه والماديه والمعنوية وخلصت الدراسة ان جل المنضوين تحت كنتونات تلك الجماعات هم الشباب الذين يغرر بهم من قيادات واهمه او تتبع اجندات سياسية او تبتغي مكاسب موعودة من قوى تستفيد من وجود تلك المجموعات .
كما بينت الدراسه ان هؤلاء المتطرفين يملكون قدرات قتاليه بنهج العصابات وقادرين على تحقيق انتصارات عسكريه حتى على الجيوش المنظمه بسبب معتقدات اغلبهم العقائديه التي يؤمنون بها وأن مأواهم الجنة بعد الموت وانهم شهداء في سبيل الله ٠
في حياتنا المعاصره وتاريخنا الحديث شواهد ونماذج حية على تلك التنظيمات التي تنشأ وترعرع في معظمها في دول فقدت السيطرة على امنها الداخلي وباتت فريسة لمطامع غيرها وخاصة في الشرق الاوسط وافريقيا وبعض من دول اسيا ولكن للدول العربية والاسلامية النصيب الاكبر في وجود قوى التطرف وجماعات المتطرفين .