التحديات التي تواجه تعليم علوم الاتصال
أ.د عبد الرزاق الدليمي
26-01-2023 05:38 PM
يعد التقدمُ والتطورُ التكنولوجي نقلة نوعية جديدة في حياة البشر بشكل عام والتعليم على وجه الخصوص، فَفِيه يكمن التحدي وخلق الإبداع التطلع إلى ما هو جديد، حيث يشمل العديد من التقنيات والأجهزة الملموسة وغير الملموسة والتي تساهم في دعم وتطوير قطاعات الحياة بشكل عام سيما في القطاع التعليمي الاعلامي بشكل خاص.
ومن أهم التحديات التي تواجه العملية التعليمية الإعلامية هي القدرة على استكشاف طرق جديدة للتعلم والتعليم مستندة على أساس ومنهج وأساليب تعليمية اعلامية مبتكرة ومنظمة وفقًا لنظريات التعلم الحديثة، والتمكن من تصميم بيئة تعليمية إعلامية إبداعية مناسبة تساهم في تيسير وتسهيل وتحسين عمليتي التعلم والتعليم في مجالات الاعلام ووسائل الاتصال، وإضفاء الجانب التفاعلي والتطبيقي فيها والاستثمار الصحيح في استخدامها وعرضها.
أسهمت ثورتا الاتصال والمعلومات الثالثة والرابعة الهائلة في ظهور العديد من الابتكارات التكنولوجية في المجال التعليمي، والتي أصبحت محور الاهتمام من قبل المعنيين، وتحديدا في فهم جوهرها و حقيقتها وأساليب الاستفادة منها في العملية التعليمية الإعلامية.
ومن هذا المنطلق ظهرت العديد من البحوث والدراسات التي دعت إلى ضرورة التوظيف الفعال للمستحدثات التكنولوجية في العملية التعليمية، لما لها من مزايا عديدة وعوامل إيجابية، كما أن مزايا المستحدثات التكنولوجية ليست مقتصرة على المدرسين فقط بل إنها تعمل على تحسين مهارات حل المشكلات لدى الطلاب وتساعدهم على تحسين مهارة التفكير والإبداع.
الجودة هي نظام تقويمي إداري متقدم يرتكز على مجموعة من الأسس والقواعد والقيم ويعتمد على توظيف امثل للبيانات و المعلومات الخاصة بالعاملين قصد استثمار مؤهلاتهم و قدراتهم الفكرية في مختلف مستويات التنظيم على نحو إبداعي قصد تحقيق التحسن المستمر للمؤسسة الاكاديمية التعليمية.
وتشير الجودة في المجال التعليمي الإعلامي إلى تطبيق مجموعة من المعايير و الإجراءات التي يجب على اقسام وكليات الاعلام يهدف تنفيذها إلى التحسين المستمر في المنتوج التعليمي سيما بجانبه التطبيقي المواكب لحاجات سوق العمل ، وتشير كذلك إلى المواصفات و الخصائص المتوقعة في هذا المنتوج و في العمليات و الأنشطة التي تتحقق من خلالها تلك المواصفات مع توفر أدوات و أساليب متكاملة تساعد المؤسسات التعليمية على تحقيق نتائج مرضية .وحقيقة لا اجد ان أي من هذه المواصفات او الإجراءات متوفرة سواء ما يتعلق منها بالأدوات أو الأساليب المتكاملة او حتى في الرغبة في التطوير والتغيير لدى المسؤولين عن الأقسام والكليات المعنية.
يبدأ تطوير التعليم بتحقيق المعايير والأهداف الرئيسية له، ونعني بالمعايير الأساليب والعمليات والممارسات التعليميّة الموحدة، والتي تطوّر بناءً على المبادئ التوجيهيّة للانفتاح والتوازن، بحيث تُلبي احتياجات المجتمع كافة، وتُحفزُ على الابتكار التكنولوجي، وتكون دافعًا لمنافسة السوق العالمي، ومن المهم أن يلتزم الطلبة والمعلمون بتلك المعايير على حد سواء لأنّها ستُساعدهم في فهم وتقييم ما يواجهونه ومعرفة غايتهم ووجهتهم، ذلك دون أن نُغفل أنّ للتعليم معايير مختلفة، أسهمت في تطوير نوعيّة المقترحات البحثية، وتفعيل دور التكنولوجيا في الفصل الدراسي، ودعم التعلم عن بعد واكتشاف حالات انتحال الشخصية وسواها
تُعتبر المعلومات جيدة النوعية مجالا بالغ الأهمية لربط مخرجات اقسام وكليات الاعلام بعالم سوق العمل. للاسف فأن اغلب المناهج والمقررات الدراسية لاتستند إلى النواتج العامة المتفق عليها ونواتج التعليم المهني أو الفني الاعلامي التي يعدّها التعليم العالي بالاشتراك مع سوق العمل وغيرهم من أصحاب المصلحة الرئيسيين، كما ان هناك فجوه في العلاقات بين المؤسسات الاعلامية وبين اقسام وكليات الاعلام الامر الذي ينعكس سلبا على دعم الطلاب وحرمانهم من الفرص المناسبة في التدريب العملي، اضافة الى ضعف مقومات التدريب الداخلي، والتوجيه المهني، والتزويد بالمعلومات عن سوق العمل. ويبدو ذلك بديهيا للغاية، كما لا يتم توفير هذه الجوانب المهمة ويُترك الطلاب بمفردهم.
وأود الإشارة إلى عدم وجود برامج لسد الفجوات في سياق التأهيل للتوظيف في المؤسسات الإعلامية، وغياب للبرامج التي تساعد طلاب الاعلام الأقل تأهيلاً من الناحية الأكاديمية للحصول على بداية أفضل في الدراسة الجامعية بسد الفجوة بين مستوى تأهيلهم الحالي والخبرة الجامعية. كما ان هناك حاجة إلى وضع أنظمة ملائمة للحوكمة، والإدارة، والتمويل، وضمان الجودة لتمكين اقسام وكليات الاعلام من تأدية رسالتها فيما يخص احتياجات المجتمع وسوق العمل.
يرتكز تعليم الصحافة على الثقافة وان ينظر اليه من خلال الزمان والمكان. فالنموذج الأمريكي في تعليم الصحافة هو متميز لأنه يدخل في المنهاج التعليمي الجامعي اما الدول الأوروبية والانجلوسكسونية فتعتمد أسلوب التدريب في العمل أصبحت تستعين في كلياتها بنموذج الجامعات الامريكية. اما الصحفيين في الدول الديمقراطية يتشاركون في احتراف المهنة واتقانها ويتوجونها بما يملكون من معرفة وايمان بالاستقلالية عملهم ودورهم الفاعل في المجتمعات. ان التعليم والبحث هامان في الخبرة واحتراف الصحافة، اما التدريب فيجب ان ينم عن تعليم صحفي ممنهج ومنظم ويمكن ملاحظته في مختلف مراحل تطوير الإعلام عبر العالم.
ان منهجية التعليم ليست معناها فقط -ماذا ندرس- او تربويتة - كيف ندرس-بل ان كل ذلك مهم في التعليم الصحفي العالمي. ان ما يهم في التعليم الصحفي هو جعله عالميا عن طريق التحليل والنقاش و ربطه بتطور المجتمعات بشكل عام لان الصحفيين لا يعملون بمعزل عن مجتمعاتهم. ورغم ان التطوير مسالة مرتبطة بالدول والانظمة الا ان انتشار وسائل الإتصال المختلفة(الصحافة والاذاعة والتلفزيون والانترنيت) رفعت الوعي بالقضايا العالمية وادخلتها إلى بيوت الناس وكذلك فعلت في التعليم الصحفي. ان الصحفيين المحترفون يتشابهون في طريقة تفكيرهم وحرفيتهم بغض النظر عن الأنظمة السياسية والاجتماعية التي ينتمون اليها وان الاختلافات الثقافية والخصوصية تؤدي إلى اختلاف في الرؤى فقط.
تواجه عمليات تعليم الصحافة في العالم اربعة تحديات وهي:
1-تزايد الوعي بالتنوع الثقافي في المجتمع.
2-تنوع وسائل الترفيه والتسلية وصناعة الإعلام.
3-التقاء تقنيات الإعلام الرقمي.
4-تدويل الإعلام والصحافة وتدفق الأخبار.
كليات واقسام الإعلام تحتاج إلى ثورة وإصلاح داخلي ،فالعقبات كثيرة منها عدم كفاية أعضاء هيئة تدريس من حيث الأعداد والإعداد والضعف وعدم الرغبة في تطوير معايير جودة التعليم والتدريب، وعدم الخروج بالعملية التعليمية من قالبها التقليدي، والوصول إلى المدرس العصري، وغياب صياغة ألاهداف غير نمطية أو المألوفة لتعليم الصحافة، وضعف توظيف التكنولوجيا واستثمارها بشكل أفضل، وتوقف عمليات التطوير للمناهج ونظم التقويم والامتحانات واساليب التدريب غير النمطية ، وانعدام الشراكة مع المؤسسات الصحفية والإعلامية في المجتمع وأفراده، وغياب بيئة التكاتف وتضافر الجهود وتبادل الخبرات والتجارب الناجحة
إذا عدنا للأسس التي ترسم الخطوط العامة لعمل كليات الإعلام، فقد طورت هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي معايير الاعتماد الخاص لتخصصات (الصحافة والإعلام/ برنامج البكالوريوس) بالتشاور مع كليات وأقسام الإعلام. لكنها لا تزال مقيّدة للخطط الدراسية لما فيها من تفصيلات للمجالات، المساقات والساعات المعتمدة لكل تخصص. وبذلك لا تسمح للجامعات بالتمايز من خلال التركيز على موضوعات (مساقات) دون الأخرى. كما تحد المعايير المتعلقة بالهيئات التدريسية من قدرة الجامعات على تكييف خططها الدراسية مع متطلبات سوق العمل. وتأسيسا على ما تقدم اعتقد ان هناك ضعف مستمر يتنامى في القدرات والامكانيات التي يجب ان توفرها اقسام وكليات الاعلام ولو بالحد الأدنى.
وهذا من شأنه أن يراعي مصالح طلبة اختصاص الاعلام كونهم محور عملية التعليم ومركزها، خاصةً في عصرنا هذا الذي يطلق عليه العصر التكنولوجي الرقمي. وتغيير أنماط التعليمُ من التعلم البصري عن طريق الصور والرسوم التوضيحية، إلى التعلم السمعي من خلال الإذاعات وتطور الإذاعات العالمية ثم ظهور التلفزيون والفيديو حيث أصبح التعليمُ أكثرَ يسرا وحداثة وهذا ما سماه التربويون بالتعلم السمعي البصري، ومن ثم استفاد التعليم من تطور أجهزة الحاسوب استفادة عظيمة والتي كان لها الدور البارز في تحسين عمليتي التعلم والتعليم ومحاولة محو الأمية التكنولوجية وصولاً إلى إبراز مفهوم الإنترنت وفي ضوء ما ذكرناه أعلاه لا اظن ان هناك اهتمام جدي لمواكبة المقررات الدراسية في أقسام وكليات الإعلام في الجامعات الأردنية للتطورات التكنولوجية الحديثة في ظل الإعلام الرقمي.