تقرر إعفاء المكلفين غير المسـددين لالتزاماتهم من أول 500 دينار شريطة أن يتكرموا بتسديد الباقي. وهذه ليست أول مرة يمنح فيها المتأخرون عن السداد مزايا وإعفاءات لإغرائهم بالقيام بالواجب.
كون الحكومة تأمل بأن يدفع المكلفـون ضرائبهم إذا تم إعطاؤهم خصم بمعدل 500 دينار ، يعني أنها تعرف أنهم قادرون على السـداد ، وإلا فلا فائدة من الإعفاء.
إذا كان المكلف قادراً على الدفع ولكنه ممتنع عن السـداد ، فلماذا تفشل الجهات المختصة في تحصيل حق الخزينـة منه. ماذا عن قانون تحصيل الأموال الأميرية ، أم أن تلك الجهات تفضل عدم اللجوء إلى الإجراءات القانونية حرصاً منها على مشاعر المدينين.
يبدو كأن دفع الضرائب المستحقة أصبح مسـألة اختيارية ، يقوم به من يشاء من قبيل أداء الواجب الوطني ، ويمتنع عن القيام به من يشاء ليستفيد من السيولة المتوفـرة لديه طالما أنه يستطيع أن يدفع في المسـتقبل بدون فوائد تأخير بل مع الخصم والإعفاء.
في أحد تقارير ديوان المحاسـبة أن هناك ديوناً على المواطنيـن من ضرائب وجمارك وغرامات وكفالات بمئات الملايين من الدنانيـر لا تجد من يعمل على تحصيلها ، وإن عمل فيقتصـر العمل على تقديـم حوافز وإغراءات.
عـدم تحصيل حقوق الخزينة من الجميع يعني إلحاق الظلم بأمثالنا ممن يدفعون ما عليهم من ضرائب في الموعد المقـرر. وهو يستدعي زيادة الضرائب على حسني السـلوك لتعويض ما يرفض دفعه سـيئو السلوك.
ليس صحيحاً أن عدم تسـديد التزامات المواطنين لحسـاب الخزينة يعود إلى الفقـر وضيق ذات اليـد ، فالعكس صحيح ، فهذه الالتزامات المتأخرة تعـود لمواطنين أقوياء يعتقـدون أنهم أقـوى من الدولة فلا تستطيع (الاعتداء) عليهم.
كثرة الإعفـاءات وتكرار الحـوافز تغري المواطـن العادي على عـدم الدفع أو تأجيله بشكل مفتوح طالما لم يؤخـذ ضده إجـراء سـوى الإعفاءات والتسهيلات والتقسـيط المريح وما إلى ذلك من مزايا لا يستفيد منها سـوى الأقوياء.
(الرأي)