شوارع محفرة ، وقطع غيار غير اصلية ، وتخطيط سيىء في رسم الشوارع ، وسيارات متهالكة ، وسائقون مراهقون ، ثم تأتيك الارقام بفاجعة حول عدد القتلى والجرحى كل عام ، وكأننا وسط انتفاضة او حرب لا ترحم.
عدد الجرحى من حوادث السير يصل الى حدود العشرين الف جريح ، سنوياً ، هذا غير القتلى ، وغير الكلف المالية المجنونة التي يتم دفعها للمستشفيات واصلاح السيارات ، واذ تتأمل الارقام تعرف اننا لسنا بحاجة لحرب خارجية ، ولا.. لعدو ، اذ اننا عدو انفسنا.
اذا تأملت ارقام الحروب في فلسطين والعراق ، ودول اخرى ، تكتشف اننا في بعض الحالات ، نتفوق عليهم ، بأعداد الجرحى والقتلى ، وفي العيد وحده والناس في بيوتهم ، تقرأ ان عدد الجرحى كبير ، وتقرأ ايضا ان الدفاع المدني تعامل مع ما يزيد عن الف حادث مختلف.
فوق هذا تأتي الاصابات جراء المشادات العنيفة واطلاق النار ، والقتلى والجرحى ، هنا وهناك ، وكأن الدم رخيص ، بسبب ثقافتنا التي تقول ان رأسمال القتيل فنجان قهوة ، وتكاد تقول للناس انهم يشربون الدم ، وليس القهوة بهذه الطريقة.
ليس قفزاً بين الافكار ، من حوادث السير الى المشادات ، غير ان الرابط المشترك ، يقول ان لا قيمة لحياة الانسان ، فمن لم يمت او يجرح في حادث سير ، يموت او يجرح برصاصة طائشة ، او غير طائشة ، والنتيجة نعرفها كلنا.
مليون سيارة تجوب البلد ، والحوادث تتزايد ، والحكومات تتشاطر فقط على الناس بزيادة الرسوم ، او قيمة التأمين ، وما هو اهم من الدنانير ، هو وقف هذه المذابح اليومية ، في بلد يقول ان انسانه هو ثروته.
لسنا بحاجة الى عدو من الخارج ، ولا الى جيوش تريد لا سمح الله احتلالنا ، ولا الى تنظيمات تريد تخريب البلد من الداخل ، اذ نتولى المهمة نيابة عن الجميع ، بهذا المسلخ المفتوح كل يوم ، من قتلى وجرحى وخراب بيوت ، وهدر مستقبل عائلات.
ارقام جنونية بحق ، عشرون الف جريح سنوياً تقريباً ، ثم يأتون ليقسمون لك ان الدنيا بخير ، فأي خير مع هذه المذابح ، التي نقوم بها ، والتي يحمل وزرها حتى ذاك الذي اعطى رخصة دون تدقيق لحسناء ، او لشاب مدعوم بواسطة.
لهذه المذبحة سمة واحدة ، الا وهي اعتقادنا الجاهل ان ما يجري هو مجرد قضاء وقدر ، قسمة ونصيب ، وهكذا لا نكتفي بتعليق مصائبنا على القضاء والقدر ، بل نتهم من جلت قدرته بأن هذه افعاله ، ونصل بعيداً بعدم التعلم ، ورمي كل شيء على ظهر الغيب.
ثم يقولون لك ان الله سلمنا من شر وشرور الحروب ، فأي حرب بعد هذه الحرب التي نشنها يومياً على بعضنا ، وتكون حصيلتها كل هذه الاعداد من الجرحى والقتلى والمفجوعين والايتام والذين خربت بيوتهم وجاع اطفالهم.
"غطيني يا صفية ، وصّوتي. ما فيش فايدة"،،.
mtair@addustour.com.jo
(الدستور)