facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




الممكن والمستطاع


نايف الليمون
25-01-2023 04:47 PM

لم يعد خافياً على أحد المعاني الدلالية لكثير من المصطلحات اللغوية حين ترد في الكلام، كما أن المصطلحات والمفردات تفسّرها وتعطي مدلولاتها لغة الجسد لقائليها. وأكثر من ذلك في التأثير لفهم المعاني والمقاصد هو الإلمام بسيرة القائل ومعرفة كنهه وتركيبته النفسية والسلوكية.

وقد صار دارجاً في تكييف الإعتذار عن أداء شيءٍ أو تقديمه هو القول "سأعمل ما في استطاعتي وما أتمكن منه" وهذا الجواب أصبح كافياً لمتلقيه بأن يغسل يديه من النتيجة المرجوّة والطلب المأمول، ليس لأنه لا يرغب في أن يقبل المصداقية التي توحي بها الكلمات، ولا أنه ممن لا يؤمن بأن الذي يُريد أن يطاع فعليه أن يطلب المستطاع، وإنما لأن القادر على الفعل أو المنوط به يُقبل منه التمحيص والتحقق ليكون عادلاً أولاً، ولا يُقبل منه قصوره وعجزه وقلّة إمكاناته أو فساد طبعه لتبرير انعدام النتائج الإيجابية ثانياً.

ومن لا يستطيع عمل شيءٍ رغم أن إمكانية عمله ممكنة وواجبة فلا مبرّر لوجوده ولا حضوره ولا بقائه، لا بل فإن مغادرته تكون أوجب الواجبات وأولى المستحقّات واللباس الذي لا يستر لا ينبغى له أن يُؤثَر.

والحكومة الأردنية التي تظن أنها اهتدت إلى أحصف الأجوبة على طلبات ومطالبات الناس بتحسين ظروفهم المعيشية ورفع مستوى الخدمات التي تردّت بشكلٍ كبير، إذ صار جواب الحكومة بأنها ستقدّم ما تستطيع وما هو بإمكانها لتقديمه ثم تختم ذلك بأن المواطن الأردني صبورٌ ومنتمٍ ويُقدّر الظروف، لا تدرك أنها لم تهتدِ إلى الجواب الحصيف حقّاً.

فالمواطن الأردني هو في الحقيقة لديه وفيه هذه الصفات الجميلة التي تقولها الحكومة بألسنتها جهراً ويقولون غيرها وضدّها تماماً في غير العلن، ويتبرّمون من شكوى الناس وأنينهم ونقل معاناتهم عبر ما يستطيعون من وسائل ولا تقبل الحكومة منهم ذلك.

ثم أن جواب الحكومة هذا مؤشر عجز وإفلاس وهو مما لا ينبغي أن يكون لغة سياسيين يمارسون السلطة التنفيذية التي مهمتها في الأساس أن تُشيع الأمل وتصنعه وتحقّقه بالعمل والإنجاز والإبتكار لا بنثر الأوهام والترّهات المضحكة المبكية.

وإن كان الجواب في محصّلته ومفاده أن ليس بالإمكان إلاّ ما كان وما هو كائن فما جدوى الثرثرة بالأفعال المضارعة التي تنشرها الحكومة في الريح حيناً وتطويها، "ستعمل الحكومة، وستقوم الحكومة.." ؟!

وكان يفترض في الحكومة قبل أن تردّ على مطالب الشعب أن تردّ وتصوّب ما جاء في تقرير ديوان المحاسبة مثلاً والذي جاء زاخراً بالمخالفات والتجاوزات التي تثبت أن الحكومة وإدارتها لم تكن عاجزةً عن ارتكاب الأخطاء بقدر عجزها عن التطوير والتنمية، ولم يكن هناك جواباً ملموساً على تصويب ما جاء في تقرير ديوان المحاسبة إلاّ إعفاء رئيسه.

والحكومة التي عدّلت على تشكيلتها ستَّ مرّاتٍ في سنتين من عمرها تقريباً، وأدخلت حوالي مائة شخص في وظائف عليا وربما بشكلٍ وعددٍ غير مسبوق لم تستطع أن تحفظ للإدارة الحكومية توازنها واتّزانها، بل زادت في التخبط والإختلال والعجز.

ولنا أن نسأل ونتساءل فيما إذا كان جواب العجز هو جواب الحكومة عن حالها أم هو جواب الدولة الأردنية، لأن العلاج يختلف في كلتا الحالتين؟





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :