"كُلٌّ لَهُ سَعيُهُ وَالسَعيُ مُختَلِفٌ"
د.حنين عبيدات
25-01-2023 09:13 AM
(كُلٌّ لَهُ سَعيُهُ وَالسَعيُ مُختَلِفٌ .. وَكُلُّ نَفسٍ لَها في سَعيِها شاء)
يشكل الشعر في حياة العربي منذ الجاهلية إلى الآن حالة ثقافية متينة في نواحي عدة، منها السياسية والإجتماعية والثقافية، فكان و ما زال الشعر سلاحا قويا للنقد والإصلاح السياسي وعرض الواقع والتفصيل السياسي، وكان ومازال يعرض المشكلة الاجتماعية ويحللها ، ويتحدث بمشاعر الآخرين ويصوغها بمواقف مناجاة روحية، ويصف المواقف الحياتية للمجتمع والفرد، فالشعر حالة ثقافية تعرض وتحلل و تصوغ وتعطي النتيجة للفرد والمجتمع.
وفي حين أن شاعر الرسول حسان بن ثابت كان قد مدح وهجا وشكل حالة شعرية هامة في عهد الرسول محمد صل الله عليه وسلم، و في حين أن حكم وأشعار المتنبي ترافق العرب في كل موقف وزمان، وفي حين أن أبا العلاء المعري علمنا الزهد في الحياة من خلال تراكيبه اللغوية الموسيقية المبهرة، وفي حين أن الجاحظ (الفصيح) والذي جمع بين العلوم الكثيرة حتى شكل حالة ثقافية مميزة اتفق و اختلف عليها الكثيرون، ولكنه علمنا بأن الفرد من الممكن أن يصنع من ذاته حالة، وهو صاحب مبدأ الشك إلى اليقين، وفي حين أن اسم الشاعر نزار قباني قد حفر في ذاكرتنا، وهو من وصف المرأة بالثورة والسياسة والثورة بكلمات ثائرة، وفي حين أن الشاعر أحمد مطر قد فهم جيدا كيف تسير السياسة العربية فكتب بحرقة عربي ولوعة مشتاق لتبر الأرض، وفي حين أن أحمد شوقي قد كتب الحياة والأوطان في شعره وعلقت كلماته في أذهان الأمة و غيرهم من الشعراء، كبدر شاكر السياب، ومحمود درويش ، و مظفر النواب ، و عمر أبو ريشة، وغيرهم .
وفي الأردن، ولد الكثير من الشعراء الذين كانوا من رواد الحركة الثقافية في الأردن منذ التاريخ، فقد تركوا بصمة لن ينساها الأردنيون، فكتبوا على جدران الزمن (نحن الأردنيون) وصنعوا المواقف العربية الراسخة تحت مسمى (نحن الأردنيون) وقد كانوا من أهم الشعراء العرب في بلاد الشام والشرق ومنهم: الشيخة موزة العبيدات، مصطفى وهبي التل (عرار) ، حبيب الزيودي ، حيدر محمود ، تيسير السبول ، نايف أبو عبيد ، سليمان الموسى ، عبدالله نايل عبيدات ، محمود العمري ، سليمان عويس ، جورج حداد ، ابراهيم العجلوني ، عمر شبانة وغيرهم.
فمن قرأ لعرار ، عرف التمرد من بين سطور أشعاره ، و انحيازه للبسيط و الفلاح و المظلوم ، ودفاعه عن قضايا إنسانية و مجتمعية عديدة بلغة وصلت لكل قريب وبعيد وكادح ومستبعد، ولم يترك السياسة لأهلها، بل مارسها من خلال مواقفه وكلماته.
عرار شاعر الأردن، الذي عشق الأردن و وصفها عاشقا بجبالها و سهولها وأوديتها، وتغزل فيها وهو يعاني كبد الحب فيها، وهو من الذين ثبت تاريخها بكتابة الحقائق عنها في حقب زمنية كالحقبة العثمانية .
أما عن الشيخة موزة العبيدات ، الشاعرة و القاضية العشائرية في العهد العثماني وهي الإمرأة التي يذكرها التاريخ الأردني بكل شرف ، لما كانت تتمتع به من قوة الشخصية والذكاء والفطنة في المواقف التاريخية آنذاك .
أما هذه الأيام فيولد في الأردن شاعر أردني وهو الدكتور محمد المحاسنة، والذي يشارك في مسابقة (أمير الشعراء)، وقد رفع رأس الأردن عاليا بثقافته وكلماته التي تقطر سلاما ومحبة و واقعية، فسلام على الشعراء وسلام على الأردن العظيم .