بين حين وآخر يطرح بعض النواب تساؤلات حول قضايا فساد في القطاع الحكومي او دوائر الدولة او القطاع الخاص والمشترك..
ومثل ذلك يأتي في التقرير السنوي لديوان المحاسبة، و كل ذلك انطلاقا من حرص النواب أعضاء ومجلسا على المال العام ومن باب نهوض ديوان المحاسبة بمسؤولياته وواجباته..
ودائما تأتي الإجابات شبه إنكارية من الوزراء او المسؤولين على مستويات مختلفة.
مثل : هذه مجرد إشاعات او اتهامات لا دليل عليها او مزايدات بلا براهين..
منذ سنوات ونحن نسمع تصريحات من رؤساء الحكومات والوزراء والجهات المعنية بان الحكومة تسعى الى "قصم ظهر الفساد" سواء في بياناتها الوزارية لنيل الثقة او من خلال الرد على ما ينشر في الصحف او تتناقله وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الرقمي والصحف ٠
وكثيرا ما يكون الرد بصيغة: اين الأدلة والاثباتات، وهذه محاولات للتخلص من الإجابة الشافية.. ونبقى ندور في حلقة مفرغة.
وفي أحد الخطابات السامية اكد جلالة الملك ان الدولة تسعى الى قصم ظهر الفساد..
وامس الاول وردت الجملة نفسها على لسان دولة رئيس الوزراء مع إضافة عبارة إذا توفرت الاثباتات.. وهناك دعوات الى المواطنين للتعاون في هذا المجال.
وفي رايي أن النائب او الصحفي يستطيع أن يجمع معلومات او ان ينقل ما يدور في مجالس الناس او ما يتردد في الصالونات المختلفة ،ولكن أجهزة الدولة المختصة هي المسؤولة عن التحري وكشف حالات الفساد وإثبات التهم او نفيها دون تردد اوإحالتها إلى القضاء..
ومن بين تلك الجهات هيئة النزاهة ومكافحة الفساد ، والأجهزة الرقابية الأخرى، دون إحالة السائل إلى المجهول او الاكتفاء بنفي المعلومة او الشائعة او دحض الاتهامات.
ليس الفساد دائما حالة واضحة وملموسة، وهو بالتأكيد لا يسلم نفسه بسهولة وطواعية، ولهذا تقع مسؤولية الإثبات على أجهزة الدولة.
ومع ان هيئة النزاهة ومكافحة الفساد تحيل بعض القضايا إلى التحقيق ثم إلى المحاكمة إلا انها تبقى قضايا محدودة و لا تحظى باهتمام الراي العام، لكونها قضايا صغيرة. مع ان الفساد واحد صغرت القضية ام كبرت.
ويبقى الحديث على مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام المرئي والمسموع والمقروء يتواصل عن قضايا كبيرة واسماء مهمة وذات وزن ثقيل، دون ان نجد أصداء لها في ضبطها أو ايجاد الأدلة الكافية لإثباتها وإيقاع العقوبة العادلة بحق اطرافها.
كل هذا الكلام بات معروفا، ومتداولا ،لكنه لا يشجع على الاقتناع بان هناك إجراءات حازمة وصارمة وفقا لخطط محكمة ونهج واضح يفضي إلى الحد من هذه الظاهرة التي لا نستطيع أن ننكر او ننفي وجودها وتأثيرها ونتائجها ليس عندنا فحسب بل لدى معظم دول العالم.
وفي الوقت الذي نتوجه فيه إلى اتخاذ إجراءات تنفيذية لتطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي والسياسي والمالي والإداري والاجتماعي ..فإن الأنظار تتجه إلى تسريع هذه العملية وإدارتها بما يحقق المصلحة الوطنية ويؤدي فعلا إلى ان يلمس المواطن كل ذلك على ارض الواقع وخصوصا في قضايا كبرى يكثر الحديث عنها دون ملل.
فهل ننتظر ذلك في وقت قريب؟