facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ثقافتنا مستقبلنا!


أ. د. هاني هياجنة
23-01-2023 04:32 PM

نحو استراتيجية وطنية للصناعات الثقافية والإبداعية في الأردن

أدرك العالم منذ زمن، وعلى نطاق واسع، أن الصناعات الثقافية والإبداعية هي محركات مهمة للنمو الاقتصادي والتوظيف، فقد أصبحت الثقافة والإبداع من ركائز الاستراتيجيات الأساسية لتحقيق نمو ذكي ومستدام وشامل، فقد شهدت الاقتصادات المتقدمة في جميع أنحاء العالم اعتمادا ملحوظا على الصناعات القائمة على المعرفة. فهي أنشطة تنبع من الإبداع الفردي والمهارة والموهبة، ولها إمكانات لزيادة الثروة وخلق فرص العمل من خلال توليد واستغلال الملكية الفكرية، وفي الوقت الذي لا يوجد تعريف موحد للقطاعات الفرعية للصناعات الإبداعية، فإن كل بلد تعمل على تكييف مفهوم الصناعات الابداعية لتلبية احتياجاتها الخاصة بالاعتماد على قيمها الثقافية ومكنونها المعرفي. وعلى العموم تتضمن الصناعات الثقافية والإبداعية مجموعة واسعة من الأعمال والمنظمات والأنشطة، تشمل الفنون والإعلانات، والتراث الثقافي، وكذلك البرامج. إضافة الى ذلك، يقصد بالصناعة الثقافية نوعاً من الصناعة التي تهدف إلى الحفاظ على الثقافة بحسبه رأس مال هام للنمو الاقتصادي، نحو الإعلان وأسواق الفن والتحف، والحرف، والتصميم، والأفلام والفيديو، وبرامج الترفيه التفاعلية، والموسيقى، وفنون الأداء، والنشر، وخدمات البرمجيات والحاسوب، والتلفزيون والراديو وغير ذلك. ولا يخفى أن الاردن لا يزال يكافح من أجل إيجاد موطئ قدم له في الاقتصاد التنافسي العالمي إلا أنه لم يحقق بعد مقياسًا حقيقيًا للقدرة التنافسية. ونظراً لافتقار بلدنا إلى الموارد الطبيعية، فإن الفرص الرئيسية المتاحة أمامها لتطوير قدرتها التنافسية في المستقبل تكمن في الصناعات القائمة على المعرفة، وتطوير المنتجات والخدمات مدعومة بالمعلومات والابتكار إلى جانب قطاع تكنولوجيا المعلومات. ولما كانت الشركات الإبداعية لا تحتاج بالضرورة إلى رؤوس أموال كبيرة، فالأردن ذو التعددية الثقافية العميقة والغنية، والمشفوعة بمجموعة من المواهب الإبداعية المحلية، سيوفر مجالا لتأسيس قيمة اقتصادية للاقتصاد الابداعي. لذلك حان الوقت لاعتبار الصناعات الإبداعية في الأردن جزءا أساسيًا من منظور الإمكانات الحقيقية في إطار التنمية الاقتصادية الشاملة والقدرة التنافسية. ولمّا كانت ندرة الموارد الطبيعية في بلدنا مسألة معروفة، فقد دفع ذلك صانعي السياسات في بلدنا، وفي مقدمتهم قيادتنا الهاشمية الفذة، إلى التركيز على تنمية المواهب وإبداع الناس، وكان أول من روَّج الى هذا النهج المغفور له الملك الحسين بن طلال، والذي صاغه بعبارة "الإنسان أغلى ما نملك"، فجاء جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين ليستمر في دعم هذا النهج حرصًا منه على دفع الأردن والاردنيين إلى طريق الاقتصاد المستند الى المعرفة، إذ أعرب عن أمله في أن يصبح الأردن مركزًا إقليميًا لتكنولوجيا المعلومات وصناعات الفنون الإبداعية الأخرى.

يدرك الأردن دور الصناعات الثقافي الإبداعية والأنشطة الفكرية وأهميتها للأفراد كأساس للاقتصاد الجزئي والكلي، وأن الثقافة رأس مال ومفتاح لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، فنحن بحاجة إلى الاستفادة من العقول الشابة المبدعة والصناعات المبتكرة من أجل الازدهار على المستويين الوطني والعالمي، فاستثمار مخزون الفنون والثقافة والتراث سيقدم مساهمة كبيرة حقًا في رفاهية الأردن وهويته واقتصاده، وقد حان الوقت الآن للأردن لتقوية الأسس، وبدء اقتصاد إبداعي خاص به، والانضمام إلى الطموح العالمي في حقل الاقتصاد الإبداعي من أجل التنمية المستدامة.

يحتاج الأردن الآن إلى دمج الفرص والتحديات التي تواجه الصناعات الثقافية والإبداعية في خطط التنمية الوطنية واستراتيجياتها وميزانياتها، وتكريس جهود أكبر لحماية حقوق الملكية الفكرية. بالإضافة إلى الحاجة إلى تحسين التعاون الدولي والإقليمي، فمن الضروري الاستفادة من تبادل الأفكار والخبرات والتقنيات الجديدة، والتعلم من الأخطاء، حيث تلعب هذه دورًا أساسيًا في القطاعات الثقافية والإبداعية. ولا بد من إعادة التفكير في تعريف الصناعات الثقافي والابداعية في الأردن بما يتلاءم مع استراتيجية الحكومة، والاستجابة لاحتياجات الفاعلين الثقافيين والمبدعين، ليشمل أنشطة تتراوح من الفنون التقليدية، والاحتفالات الثقافية، والكتب، واللوحات، والموسيقى وفنون الأداء إلى قطاعات أكثر تركيزا في التكنولوجيا، مثل التصميم والصناعة السمعية البصرية، بما في ذلك السينما والتلفزيون والراديو، والهندسة المعمارية والإعلان ومنتجات الوسائط الجديدة، مثل الرسوم المتحركة الرقمية وألعاب الفيديو وسائر الأبعاد الثقافية، وليس الاعتماد على التراث الثقافي والتقاليد فقط.

وتلعب المؤسسات التعليمية أيضًا دورًا مهمًا في جذب المواهب وتنميتها والاحتفاظ بها، كل ذلك في سياق نهج قابل للقياس وفهم سليم للتحديات والفرص للتخطيط وصنع السياسات. لقد أصبح من المهم تزويد صانعي السياسات وقادة الأعمال ومؤسسات التنمية بمشورة سليمة من الناحية النظرية قائمة على الأدلة حول قضايا واحتياجات الصناعات الثقافية والإبداعية. ومما لا شك فيه أن هناك إمكانات كبيرة تنتظر التعبئة بطريقة منهجية وشاملة، من خلال عملية جيدة التصميم والتنفيذ والابتكار في الشركات والصناعات. ويمكن للسياسة العامة أن تلعب دورًا مهمًا في هذه العملية، بما في ذلك توافر الموارد البشرية المتعلمة، والبنية التحتية المادية والتكنولوجية، ورأس المال، والمبادرات الحكومية لزيادة استثماراتها في المهارات والبحوث والقدرات ولعلنا نستطيع البدء بخطة تدريب وتعليم فني كأساس للقطاع الصناعات الثقافية الإبداعية عبر توفير نظام تعليم (رسمي وغير رسمي) لكافة المواطنين، والاستثمار في الموارد البشرية، لا سيما الأطفال واليافعة، بهدف تطوير مواهبهم وقدراتهم الفنية، وتوفير ميزانيات تعنى بدعم هذه الصناعات، وتقييم كفاءة الإنفاق العام، وتعديل السياسات الثقافية، وزيادة الاستثمارات والمنح العامة على ان يقوم ذلك بالدرجة الأولى على صيغة تعاونية بناءة بين المجتمعات المحلية والحكومة من أجل شراكة مستدامة ترمي إلى دعم هذا القطاع لتحقيق الفائدة القصوى التي ستعم الجميع. كما ستلعب المؤسسات الاكاديمية دورا في التدريب والبحث الثقافي وتنظيم الفعاليات، وخلق حوافز للبحث والتطوير، ودعم البحوث والبنية التحتية التكنولوجية. ولعل وسائل الاعلام تضطلع بدور هام في رفع مستوى الوعي العام بإمكانيات الصناعات الثقافية والابداعية داخل المجتمعات المحلية، شريطة ضمان احترام التنوع الثقافي، والمساواة بين الجنسين في تطوير وإدارة صنع القرار. ويرتبط بعملية التوعية أيضًا إنشاء بنك معرفة عبر الإنترنت لتبادل أفضل الممارسات والأمثلة للحالات الناجحة في مجال السياسات والمشاريع الفردية، ونشر المعلومات المتعلقة بأمثلة على التعاون الناجح بين قطاع الأعمال والمنظمات الثقافية.

وخلاصة الامر أن إنشاء خطة استراتيجية حكيمة تتحدد فيها الأولويات بالارتكاز على البحث المكثف والمشاركة مع القطاع الثقافي والإبداعي بالتوافق مع الاستراتيجيات والأولويات المحلية والوطنية سيوفر إطارًا مرنًا للعمل التعاوني لدعم ريادة الأعمال الإبداعية في لتحقيق أكبر قدر ممكن من إمكاناتها، ودعم الصناعات الثقافية والإبداعية في سياق السياسة الأوسع.

* أستاذ في كلية الاثار والأنثروبولوجيا – جامعة اليرموك

* السفير العلمي لمؤسسة ألكسندر في همبولت الألمانية لدى الأردن

* خبير معتمد لدى اليونسكو في حقل التراث الثقافي

مراجع
PROPOSAL FOR A NATIONAL STRATEGY FOR CULTURE HASHEMITE KINGDOM OF JORDAN In collaboration and with the support of the Ministry of Culture and civil society cultural operators and organisations. The Med Culture programme was delivered by the Consortium led by HYDEA S.p.A. (Italy) in partnership with TRANSTEC SA (Belgium), L’ INSTITUT NATIONAL DE L’AUDIOVISUEL (France) and the ROYAL FILM COMMISSION OF JORDAN (Jordan).
Developing Creative Industries in Jordan A Call to Action A review of the major challenges currently facing the creative sector and a set of actionable recommendation.
How cultural and creative industries can power human development in the 21st Century Cultural and creative industries and inclusive sustainable growth.

Cunningham, S. (2002). From Cultural to Creative Industries: Theory, Industry and Policy Implications. Media International Australia, 102(1), 54–65. https://doi.org/10.1177/1329878X0210200107
Hesmondhalgh, D (2008) Cultural and Creative Industries. In: Bennett, T and Frow, J, (eds.) The SAGE handbook of cultural analysis. Sage Publications Ltd
Jo Foord (2009) Strategies for creative industries: an international review, Creative Industries Journal, 1:2, 91-113, DOI: 10.1386/cij.1.2.91_1
Ye, Zhen & Nurse, Keith. (2013). Creative Industries for Youth: Unleashing Potential and Growth.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :