عمون- اللغة العربية، لغتي الفخر، هي بحق جوهر الجمال وروعة التعبير. إنها اللغة التي أناقتني بحبها، وفصلتها التبيان. فلا تلمني إذا انبهرت بها، فأنا لا أهوى سواها. إننا جميعًا اليوم نفديها، فرونق اللغة الفصحى يشد الألباب نحو كل ما هو جميل.
والحب للغة العربية لا يُعدى بديلاً له. إنها مستودع شعوري العميق، تحمل خصائص الأمة وتصوراتها وعقيدتها وتاريخها. ورغم ذلك، يبقى تعلم اللغات الأخرى ضرورة حاسمة للمسلم المعاصر، مع الحذر من أن تلغي حواسه الأصلية أو تكون بديلاً عنها.
سعة اللغة العربية تظهر في أسمائها وأفعالها وحروفها وجولاتها في الاشتقاق، ومأخوذاتها البديعة، واستعاراتها وغرائب تصرفاتها، وانتصاراتها ولفظ كنايتها. فالذي ملأ اللغات بالجمال جعل السر والجمال في الضاد.
لذا، تعلموا العربية فهي جزء من دينكم، وتعلموا العربية فإنها تثبت العقل وتزيد في المروءة. فاللغة هي التي جاءت بها شريعتنا، فإذا بطلت اللغة بطلت الشرعية والأحكام. والإعراب أيضًا به تنصلح المعاني وتفهم. إن طلوعها ينير الآفاق ويفتح آفاق التفكير.
ولا تلوموا العربية ولوموا أمة ركضت إلى الدعة، فقد قعدت. فالعربية ليست لأحد منا بمنأى عنها، بل هي من اللسان، فمن تكلم بالعربية فهو عربي.
من أحب الله تعالى فليحب رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، ومن أحب الرسول العربي فليحب العرب، ومن أحب العرب فليحب العربية التي نزل بها أفضل الكتب على أفضل العرب والعجم. ومن أحب العربية فليتعلمها وليتثابر عليها، وليصرف همته إليها.
فاللسان العربي هو شعار الإسلام وأهله، واللغات هي أحد أهم شعائر الأمم التي تميزها. وقد سعى كاتب الله لفظًا ومعنى في هذه اللغة، ولم تضيق اللغة العربية بالتكرار، بخلاف لغات أخرى يتحول فيها التكرار إلى سخف مضحك.
إن اللغة العربية هي أصل اللغات، وبها يجب علينا تسجيل أفكارنا وتنسيق أسماء مخترعاتنا الجديدة. فأنا البحر في أحشائه الدركام، فهل سألوا الغواص عن صدفاتي؟
لذا فلنحافظ على اللغة العربية، فهي لا تضيق بالتكرار، بل تتألق وتتجدد. فهي الأصل والجذر، ومنها تنبع جميع اللغات الأخرى. فلنحافظ عليها ولنستمد منها العز والكرامة والتفوق.