عمون- عندما نفتقد الوطن، يصبح الغرباء وطنًا والفقر في وطننا يشعرنا بالغربة. يعتبر الإنسان الموت من أجل وطنه أمرًا جميلًا، ولكن الأجمل أن يعيش من أجل هذا الوطن. نشعر بانتماء عميق لوطننا تمامًا كما نشعر بالانتماء لأمهاتنا. حتى إذا ذهب الإنسان إلى بلد آخر لأي سبب، سواء للزواج أو الدراسة، فإنه لن يجد الراحة والانتماء في هذا المكان بغض النظر عن محاولاته للتعبير عن مشاعره تجاهه. ستظل رغبته في العودة إلى وطنه تنمو داخله، لأن الوطن هو المكان الذي نحبه، وعلى الرغم من أننا قد نغادره جسديًا، إلا أن قلوبنا ستظل هناك.

وطني علمني أن دماء الشهداء هي التي تحدد حدوده، ولن يهدأ العالم حتى ينتشر حب الوطن في نفوس البشر. عندما يكون الوطن في خطر، يصبح جميع أبنائه جنودًا. الدموع تميت الوطن، والدماء تحييه. حب الوطن ينبع من الإيمان والانتماء العميق. الأم والوطن هما مقدسان لا يمكن التلاعب بهما.

كما قال الشاعر: "بلادي وإن جارت عليّ عزيزة، وأهلي وإن ضنّوا عليّ كرامًا". حيثما تكون الحرية، تكون الوطن. وطني ليس دائمًا على حق، ولكنني لا أستطيع ممارسة حقي الحقيقي إلا في وطني. الإنسان لا يناضل إلا من أجل ما يحب، ولا يحب إلا ما يكون محررًا بالتقدير والاحترام. كيف يُطلب من المواطن أن يحب ويقدر وطنه إذا كان يجهل تاريخه ولا يشعر بالامتنان لما يوفره الوطن من أمن ورفاهية كما تفعل الدول الأخرى لرعاياها؟

يجب أن يكون من واجبات المواطن العمل بلا كلل لرفع مستواه وبالتالي رفع مستوى أمته. لا يجب أن يكتفي المواطن بمجرد الحصول على شهادته ومنصبه ويكتفي بالجلوس دون فعل أي شيء. الوطن تميته الدموع وتحييه الدماء. الوطنية ليست مجرد كلام، بل هي عمل فعلي.

ليفكر الوطني بالأجيال القادمة، أما السياسي فيفكر في الانتخابات القادمة. الوطن ليس مكانًا بل هو جماعة تعيش على أرض واحدة، تضم الأحياء والأموات والمواليد الجدد. عندما يكون الوطن في خطر، يصبح جميع أبنائه جنودًا. نحن ننتمي إلى أوطاننا تمامًا كما ننتمي إلى أمهاتنا. الوطنية هي ينبوع التضحية.

أينما يكون مكان ولادة الإنسان، يصبح ذلك موطنه. مرة أخرى، جميل أن يموت الإنسان من أجل وطنه، ولكن الأجمل أن يعيش من أجل هذا الوطن. الوطن هو شجرة طيبة لا تنمو إلا في تربة التضحيات وتروى بالعرق والدم. بالنسبة للأشخاص الذين فقدوا وطنهم، يمكن للكتابة أن تصبح مكانًا يعيشون فيه.