الكيان يَئِد ديمقراطيته وسيُدْفن بجوارها قريبا
د. أميرة يوسف ظاهر
23-01-2023 12:50 AM
يضع الكيان المغتصب أول خطواته على مفترق الدمار والانهيار، فها هو يبدأ بالتحول من الديمقراطية إلى الثيوقراطية بوجود نتنياهو الفاسد الذي يلاحقه القضاء ويمكنه المتطرفين، وبن خفير المتطرف داعم كاخ الإرهابية العنصرية وسموتريتش النازع إلى الإبادة الجماعية، ويبدو أن الكيان المتسربل بلباس الدولة المدنية مخفيا تحته سلطة الحكم التوراتي الذي يديره الحاخامات والمعتقدات التوراتية والأساطير الناشئة؛ بدأ يخلع لباس المدنية ويعري حقيقته متجاوزا بذلك الخطوط الداخلية والخارجية.
فها هو يفجر قنبلة عنقودية في نفسه، وقريبا سيكون بحكومته الجديدة وقرارات الإصلاح التي اتخذها بين السندان والمطرقة، وسيضع هذا الكيان الغاصب نفسه بين جبهتين ملتهبتين، إحداهما السندان المتمثل بالجبهة الداخلية على شكل حرب أهلية عارمة وقد حذر منها وزير الدفاع السابق للكيان بيني غانتس، وستنشب هذه الحرب بين عناصر الداخل للكيان التي بدأت تتململ متمثلة بـالمعتدلين واليسار والأحزاب الليبرالية والمنظمات غير الحكومية والمؤسسة الأمنية وقطاع الأعمال ومنظمات حقوق الإنسان، وبين الأحزاب الدينية والمتطرفة والحاخامات.
أما الجبهة الأخرى وهي المطرقة التي ستدقه مشاركة مع السندان والتي ستكون انتفاضة فلسطينية متأججة ستنتشر في كافة أراضي فلسطين انتشار النار في الهشيم، وستنفتح الجبهات من كل الجهات في وجه الكيان، وسيبذل الفلسطينيون دماءهم رخيصة في سبيل الشهادة وتحرير الأراضي من الكيان الغاصب والدفاع عن مقدساتهم الإسلامية والمسيحية، خاصة وأن النتن قد غرد قائلا: "الشعب اليهودي له حق حصري في جميع أراضي إسرائيل بما في ذلك الضفة الغربية"، ناسفا احتمال حل الدولتين قاضيا على معسكرات السلم غائبا عن باله أنه بعد قليل لن يجد ذلك الشعب الذي يتحدث عن حقوقه.
وسيخسر الكيان الكثير بالانتقال بالصراع من دفة السياسة إلى دفة الصراع الديني وحشد الكراهية والعنصرية وتجييش الانقسام والخوف، وسيهدر مخزونه المالي والمادي والبشري، وسيشهد الداخل لهذا الكيان عصيان مدني جارف سيدمر القوة الراهنة التي صنعتها يد الكيان الغاصب كسوسة تنخر في الأساسات، كما ستعم إضرابات شاملة -بعضها اختياري والآخر قصري- تهدم الاقتصاد وتأكل الأخضر واليابس، وستنشب مظاهرات متضاربة الاتجاهات تزيد من تأليب الرأي العالمي العام تجاه الكيان، وستستنزف أموال أمريكا الداعمة وتتحول وجهتها من الإسهام في بناء القوة العظمى التكنولوجية للكيان والتي تعرف باسم (Start Up Nation) إلى تغطية نفقات الحريدين التي ستتضخم كونهم سيكونون هم الفئة المتبقية من شعب الكيان، ومعها نفقات الخدمة العسكرية وجيش الدفاع الإسرائيلي الذي ستتفاقم تكلفته جراء الحرب على كل الجبهات، والتي سيتخلى المجتمع الإسرائيلي عن دفعها ويتوانى في ظل سطوة الهلع والتدهور العام.
عدا عن أسطول الهجرة والهروب للعقول والمستثمرين الذي أمضى الكيان سنوات طوال وهو يحشدهم ويجمعهم من كافة بقاع العالم ويرحلهم إلى الأراضي الفلسطينية؛ ونتيجة المغالاة في التطرف وتهميش الكثير من الجهات والفئات سيجد الكيان نفسه جيشا وآلة حرب يقف على الأرض التي اغتصبها بلا الشعب الذي هو من أهم عناصر الدولة.
وهذه الصورة الوحشية التي تنصلت عن المدنية وأطاحت بالديمقراطية وضربت بكل الاعتبارات بعرض الحائط ستشرعن وتعطي كل الحق للداخل الفلسطيني الذي ستزداد شعبيته، وتتأجج إرادته ويكسب التأييد والدعم الدولي والرأي العام للدفاع عن نفسه وحقه في العيش بكرامة وحرية وسلام، ضد معسكر الحرب الذي استبدله النتن وعصابته بمعسكر السلام.