الميثاق الوطني ورهان المرحلة
د.طلال طلب الشرفات
22-01-2023 07:45 PM
حزب الميثاق الوطني قطع بالأمس شوطاً مهماً بانتخاب أعضاء المجلس المركزي للحزب في ثمانية عشر دائرة حزبية في المملكة، وأضاف لبنة جديدة ومعقولة للاستجابة الشعبية للاستحقاقات الدستورية والقانونية المتعلقة بالتحديث السياسي وفق أحكام قانوني الانتخاب والأحزاب. والحقيقة وبعيداً عن وجهات النظر المخالفة فإن الرَّهان معقود على الميثاق الوطني لقيادة تيار الوسط المحافظ وفق الثوابت الراسخة التي التقى عليها المؤسسون.
الحركة الهادئة للميثاق الوطني وحالة العقلنة الراشدة والإيثار الواعي أثمرت كلها في إنجاز الحلقة المهمة وقبل الأخيرة دون انقسام أو انشقاق بيني يهدد نهوض الحزب ورسالته الراسخة، بل إن مخرجات التوافق أفرزت نخب واعية من الشباب، والمرأة، والقطاعات النقابية والفكرية، والبلديات والاتحادات، ورجال دولة يمتلكون خبرات مميزة تم التوافق عليهم بعناية فائقة ووعي كبير.
الميثاق الوطني الذي يملك أغلبية أعضاء المكتب الدائم في مجلس النواب ويرأس ثلثي لجان المجلس ويرأس لجاناً أخرى في مجلس الأعيان أضحى رقماً صعباً في المشهد السياسي الوطني يؤهله لقيادة تيار الوسط المحافظ في الانتخابات المقبلة بما يمنع اليسار السياسي بألوانه المتعددة من اختطاف الحضور السياسي والذي بات مقلقاً بعد أفول نجم الليبراليين، واصطفاف الأغلب في مواجهة الإسلام السياسي.
لا ننكر على القوى الأخرى في اليمين واليسار أن تأخذ حصتها العادلة في التمثيل السياسي على قاعدة الشراكة الوطنية، ولكن لن يكون مقبولاً -بوعينا وتوحدنا ومسؤوليتنا الجمعيَّة- استثمار المزاج العام الملتبس والمسكون بالظروف الاقتصادية الصَّعبة، وأخذه صوب الوعود الانتخابية المعتادة بعيداً عن مساحات وقواعد الإلتزام السياسي لتيار الوسط حيال القضايا السياسية والاجتماعية، سيَّما وأن اليسار المعتدل -مثلاً- يشارك في الحكم دون أية مسؤولية سياسية.
وتبقى الخشية قائمة من ممارسة مظاهر "التُّقية" السياسية في بعض المفاصل الوطنية التي هي أخطر تحديات التحالف مع اليسار السياسي، أو حتى الإئتلاف الوطني بجناحه العميق، تلك هي مساحات الصراحة السياسية التي تضع مسؤولية وطنية كبيرة على عاتق قيادات وكوادر الميثاق الوطني في استيعاب مزاج الوسط الغاضب المّنهك، وإبراز تحديات الهوية الوطنية، ورواسي الكيان والكينونة، وركائز الولاء السياسي الفطري لمؤسسة العرش وتقاليد المجتمع الراسخة.
حزب الميثاق الوطني نجح في توجيه أول رسالة سياسية وأخلاقية للجمهور في غياب شخصنة الحزب والقيادة الجماعية للمرحلة القادمة، إلا أن هذا الأمر لا يغني عن ضرورة الاشتباك الإيجابي مع الفعاليات الشبابية والنقابية والطلابية في الإقناع والاستقطاب؛ كي ينجح في تقديم أنموذجاً فاعلاً في العمل الحزبي البرامجي القائم على ثوابت الوطن الرَّاسخة وأخلاقيات نكران الذات.
وحمى الله وطننا الحبيب وشعبنا الأصيل وقيادتنا الحكيمة من كل سوء.