الرثاء في الشعر العربي والنثر هو التفجع والحزن على الميت والبكاء عليه مع ذكر مناقبه وخصاله وصفاته، وهو فن اعتاد العرب على توظيبه وأخراجه كلما حلت مناسبة حزينة بفقد عزيز او اقتراب مناسبة تؤطر لحال من الوهن والحزن والألم وربما كان بعض الشعراء يرثون أنفسهم وهم أحياء كمالك ابن الريب الذي رثا حاله وأظهر حزنه قائلا:

وعر قلوصي في الركاب فانها ستفلق اكبادا وتبكي بواكيا

غريب بعيد الدار ثاو بقفرة ابد الدهر معروف بأن لا تدانيا

وأما حال الرثاء اليوم ومناسباته فقد رمت بحملها على انفس اعيتها المضرات وغيبت عنها المسرات وباتت بحال من النكرة عن الذات وانفصلت الأجساد عن الأرواح حتى غدا البؤس منفرا والعذاب محتظرا واجترار الكلام لا جدوى منه.

وتراكمت الهموم وكثرت الغموم واشد الارق وتجسد القلق واصبح الحليم حيرانا.

لم يعد الرثاء لفرد واحد ولا لمجموعة واحدة بل توسع ليصبح محلا لمجتمع طغت فيه الأحزان وتأصلت فيه الاشجان ونام اناسه على الضيم والظلم فتناثرت همومه هنا وهناك وخيم الظلام فلم تعد هناك بقعة مضيئة او بصيص امل بتغير الحال واشتد العزاء حتى أصبح المجتمع كله بحاجة إلى رثاء الأحياء.