facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




سينما الواقع .. دسّ السمّ في الدسم!


وليد شنيكات
19-01-2023 12:36 PM

هناك من بيننا من تحرّكهم نوازع أنانية في سبيل الوصول إلى الشهرة والمال، وهذا يكون في بعض الأحيان للأسف بغطاء حرّية الرأي والتعبير بقطع النظر عن الآثار المدمّرة التي يُمكن أن يتركها هذا السعي الجنوني على حرمة المجتمع، وفق هذا التوصيف، هل هناك مخاطرُ لحرّية الرأي خاصّةً عندما يتمّ منحها لفيالق الحمقى؟ بحسب تعبير الفيلسوف الإيطالي أمبرتو إيكو، الإجابة قولاً واحداً بنعم، لكن كيف ومتى؟ .

لن أذهب الى الحديث عن مستنقعات وسائل التواصل الاجتماعي التي فيها ما يثير الاشمئزاز والقيء، ذلك أن هذا الفضاء المشحون دوماً بالفضائح مازال يشكّل بيئة خصبة للانقسام والخلاف والفرقة وإشعال الحرائق في غير مكان، وكذلك الاستهانة بكلّ ما هو خاصّ ومقدس عند الناس. فهناك صار ما ينافسها في الانحطاط والشذوذ وغرس قيم جديدة بخلفيات ثقافية مستوردة تقدم نفسها بعناوين مختلفة منها مثلاً "سينما الواقع" الخشن.

على أي حال، تحت هذا العنوان الواسع لك أن تسرد ما شئت من "قوائم السموم" التي تنال من وحدة المجتمع وتعكّر فطرته الإنسانية وتكشف من خصوصياته، وللأسف يحدث هذا ببراعة براغماتية أحياناً أو نشوة الدكتاتورية التي نمارسها نحن ضد بعضنا وفي مجتمع يفترض أنه مُتحابّ ومُتصالح مع نفسه حتى وإن كان هناك شيءٌ من المعكرات التي لم تسلم منها معظم مجتمعات العالم.

بسبب تراجع إنتاج الأعمال الدرامية هناك نخبة من الممثلين الأردنيين كانت لهم بصمات واضحة على امتداد على فترة "الزمن الجميل" وما بعده ولهم جمهور ذو ذائقة، توجهوا اليوم لقطاع السينما غير أنهم رضوا بالأدوار الهابطة التي لا تليق بسمعتهم الفنية وتضرّ بصورتهم أمام الناس، وهؤلاء تغيّروا على أنفسهم وتنكّروا لمجتمعهم، فخسروا هذا وذاك.

للأسف، اليوم صار بوسع أيٍّ كان -طالما لديه المقدرة المادية أو الحصول على تمويل أجنبي- أن يُنتج عملاً فنياً بمواصفات لا تلائم المجتمع ولا تراعي الذوق العام سواء بالنص أو الصورة، بالسخرية أو إطلاق الألفاظ النابية، ولعلّ هذا شوّه إلى حدٍّ بعيد من صورة الأعمال التلفزيونية الأردنية، "سقا الله" أيام زمان عندما كانت الأُسرة تلتفّ حول الشاشة لمتابعة مسلسل أو فيلم من دون أن يتحرّج أحد فيها! .

من الطبيعي أن تطرأ تغيّرات على مجتمعنا المحلي مثل اي مجتمع اخر بعد تفشّي الفقر ووجود تحوّلات هائلة في البيئة الثقافية والاجتماعية الأردنية، ولا أحد يُنكر أن ثمّةَ سلوكات وتصرّفات غير سويّة أخذت تنشأ، ومعدلات الجريمة باتت مُقلقة داخل عمّان وغيرها من المحافظات، ومع ذلك لا ينبغي أن نصوّر الأمر في الدراما على أنه ظاهرة تستدعي كلّ هذا التدخل المُريب من شركات الإنتاج الفني.

خذ عندك فيلم "الحارة" المثير للجدل، ويعكس واقع بيئة عمّان الشرقية، وعلى وجه الخصوص جبل النظيف كما يؤكد بعض نجوم العمل، وهو نُسخة مسيئة للثقافة الأردنية بكلّ ما تحمل الكلمة من معنى رغم التحوّلات التي ذكرتُها، الأردنيون لم يعتادوا أن يروا أنفسهم بهذه الصورة المُشينة في الإعلام، مثل نماذج الانحلال الأخلاقي، وتفشّي العنف، والبلطجة، والإدمان، والدعارة، والتفكّك الأسري، لذا يجب أن ننتبه وألا يأخذنا شغفنا بالشهرة إلى حدٍّ التشهير بالناس.

منصّة "نتفليكس" التي تُعدّ من أكبر المروّجين للمثليين في العالم ولديها أجندة مكشوفة دأبت في الآونة الأخيرة على إنتاج أعمال مشابهة تتحدث عن حياة الأردنيين وفيها إساءة وتشهير أيضاً، ولا تعكس واقع مجتمعنا، وهذا أمر ينبغي رفضه على الجملة، ومن يدعم هؤلاء ينبغي أن يتخلّص من تحيّزات "مركزيته الحضارية" ويلتفت إلى المجتمع المُبتلى بالفقر والظلم، لا يجب أن نضيف عليه مزيداً فوق كل هذا العَسْف.

ينحاز جزء من بيننا للدفاع والترويج لهذه الأعمال الهابطة شكلاً ومضموناً، ولا أعرف حقيقة غايتهم من وراء هذا الكرم، هم يتباهون على رؤوس الأشهاد بأن لدينا "سينما متحضّرة" تعكِس الواقع -بزعمهم- غير أنهم يسلِّطون الضوء على الجوانب الفنية في تلك الأعمال ويتغافلون عن ذكر "المشاهد الساخنة" التي يُسمّونها جرئية والألفاظ النابية التي يخجل أحدُنا أن يَسمعَها أصغر أبنائه في البيت حتى وإن تمّ تصنيف هذه الأعمال فوق سن 18، البسطاء من الناس لا يهمّهم أن تحوز أعمالكم هذه على جوائز عالمية أو غيرها، وهي هنا تشهّر وتلطّخ بسمعتهم على مرأى العالم، فلتذهبْ شهرتكم وجوائزكم إلى الجحيم.

بعيداً عن فذلكاتكم تلك، أقولُ إن استغلال معاناة الناس بهذا الشكل والصعود على أكتافهم بهذه الجُرأة المُشينة فيه تحوُّلٌ خطيرٌ لضرب قِيَم المجتمع وكشف أخطائه عن طريق ما هو مُتاح من حرّيات واستعراض "البكائيات" على أوجاع الخلق، وهذه واللهِ أنانيةٌ مفرطة في اللعب على أحزاننا وآلامنا، فأيُّ بشر أنتم.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :