لماذا تعيش في ظل أزمة اقتصادية مزمنة لا تنتهي؟
معتز خليل
18-01-2023 01:47 PM
تعاني حركة حماس من أزمة مالية شبه مزمنة، وهي الأزمة التي تتهم كثير من الأقلام والنشطاء عبر منصات التواصل الحركة بأن السبب بها هو سوء الإدارة المالية.
تحليل مضمون الكثير من منصات وحسابات التواصل الفلسطينية يشير صراحة إلى أن قيادات الحركة وعلى رأسها نائب رئيس المكتب السياسي للحركة صالح العاروري وزاهر جبارين عضو المكتب السياسي لحركة حماس يحاولون تدبير شؤون المكتب المالي دون جدوى.
ووصل الأمر إلى اتهام قيادات من الحركة ومنها العاروري بأنها تعيش في لبنان عقب اضطراب الموقف للحركة في تركيا وتدير جزءا من الميزانية الخاصة بالحركة والتي تأتي من إيران، دون أي نتيجة إيجابية على الحركة .
ما الذي يجري ؟.
بات من الواضح أن حركة حماس بالفعل تعيش في أزمة اقتصادية صعبة ، وهي الأزمة التي تعود إلى عدد من الأسباب ومنها:
1- تأثر العالم كله بتداعيات الأزمة الأوكرانية التي أثرت سلبا على حركة البيع والشراء والتحركات التجارية للقطاع.
2- تأثر العالم كله آيضا بتداعيات أزمة كورونا ، والتي تأثر بها القطاع أيضا .
3- "جميع" الدول المجاورة لغزة بها أزمات اقتصادية سواء مصر أو إسرائيل أصحاب الالتصاق الحدودي المباشر مع غزة ، فضلا عن الأزمات الاقتصادية التي تعيشها السلطة الفلسطينية التي تعتبر أيضا جزء من العالم تؤثر فيه وتتأثر بقوة، الأمر الذي يزيد من دقة الأزمات التي يعانيها القطاع وتنعكس سلبا عليه.
لا يخفى على أحد أن تدهور الأوضاع الاقتصادية بالقطاع دفعت بالكثير من الشباب الفلسطيني إلى محاولة الهجرة إلى الخارج ، وهو ما أدى إلى انتشار ظاهرة الهروب بالقوارب إلى أوروبا .
ورغم انه لا توجد احصاءات رسمية فلسطينية حول عدد المهاجرين من قطاع غزة، الا أن تقارير صحفية كشفت النقاب عن أنه منذ عام 2007 حتى 2021 فإن 860.632 ألف شخص غادروا القطاع دون عودة، بينما قدر مختصون آخرون أن عدد المهاجرين من القطاع يقدر بأكثر من ذلك، قضى بعضهم في حوادث غرق لقوارب الهجرة غير الشرعية.
وفي هذا الصدد يجب أيضا معرفة أن محاولة الشباب الفلسطيني الهجرة من القطاع إلى الخارج لا تقتصر عليهم، حيث يسعى الكثير من الشباب المصري أيضا للهجرة، والأردني، والفلسطيني في أراضي السلطة الوطنية بالضفة الغربية، وبالتالي نحن أمام ظاهرة عجز اقتصادي سلبي تشمل كل "دول" العالم، وبالتالي من الطبيعي أو المنطقي أن تتأثر غزة وهي قطاع محدود الموارد بتداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية.
تقديرات استراتيجية
التقديرات الاقتصادية لتطورات الأوضاع في غزة تشير إلى أن المواطنين دوما ما يرجعون أسباب أي تدهور بالقطاع إلى حركة حماس وقياداتها الداخلية والخارجية، وهو ما يأتي لعدة اعتبارات منها:
1- أن حركة حماس تحكم غزة منذ سنوات عديدة، وبالتالي من المنطقي أن تتحمل الحركة جزء من المسؤولية الاقتصادية للتدهور الاقتصادي الحاصل بالقطاع.
2- تنفق حركة حماس الكثير من الأموال في التجهيزات والمهرجانات العسكرية المتعددة، ويطالب الكثير من الفلسطينيين بالقطاع صراحه الحركة بالتوقف عن دعم هذه الأنشطة وتركيزها في الأنشطة الاقتصادية فقط .
غير ان تقدير الموقف من هذه الدعوات يشير إلى أن الكثير من المشاريع القومية التي تقوم بها القيادات السياسية في الشرق الأوسط لا تحظى بالتقدير أو الدعم الجماهيري اللازم، ومثال ذلك العاصمة الإدارية الجديدة في مصر والتي يدشنها الرئيس عبد الفتاح السيسي ويحاول الانتهاء من مرافق البناء بها في أقرب فرصة، غير أن الكثير من المصريين باتوا ينتقدون هذا المشروع وجدواه، خاصة مع وصول سعر الدولار الأميركي إلى ما يقترب من ٣١ جنيها مصريا، وهو رقم قياسي لم يصله من قبل .
وتشير الكتابات المرتبطة بحركة حماس إلى أن الدفاع عن القطاع وبناء قوة وقدرة عسكرية بغزة هو أمر يصب في صميم العمل الوطني ، وبالتالي يجب تخصيص أي موارد مالية للنهوض بهذا القطاع.
انتشار سياسي
ما يميز حركة حماس أيضا هو انتشار عناصرها وقياداتها وتركزهم في غزة، والعاصمة القطرية الدوحة ، ولبنان ، فضلا عن وجود البعض في تركيا .
هذا الانتشار أو ما يعرف سياسيا بالتشتت القيادي له بالطبع تداعيات، ومنها مثلا التباين في بعض من القضايا ، صحيح أن الهدف دوما واحد ولكن التقديرات الغربية على الأقل تشير إلى أن هناك تباين في كيفية التصرف والتعاطي مع بعض من القضايا بين قيادات حماس في الدوحة ولبنان تحديدا ، وعدم توافق رؤية القيادات في قطاع غزة معها أيضا .
عموما فإن حركة حماس تعتبر جزء من الحركات السياسية التي تعيش في فلسطين ، وبالتالي هي تتعرض وتواجه الكثير من الأزمات مثل أي حركة سياسية في العالم، غير أن الوضع لحماس في غزة بات صعبا للغاية لعدة أسباب منها، أن حماس ليست بالحركة السياسية الموجودة في غزة، ولكنها تحكم القطاع وتدير شؤونه، وهو ما يزيد من دقة هذه الأزمة الاستراتيجية ككل.