لفت انتباهي تصريح كان قد أدلى به أحد الباحثين (الذي لم ينشر كتابا بحياته) لوكالة رويترز للأنباء وفيه يقول: «بسبب مقاطعة الاسلاميين - أكبر حزب سياسي - فإن شرعية ومصداقية البرلمان الجديد موضع شك».
لن أتناول موضوع المصداقية لأن هناك مجالس سابقة شارك فيها الإسلاميون وانقسم المراقبون حيال مسألة المصداقية، بمعنى أن وجود الإسلاميين في المجلس أو لنقل مشاركتهم في الإنتخابات لا يضيف أو ينزع المصداقية عن أي مجلس نيابي أردني.
لكني سأتوقف عند التشكيك بشرعية المجلس، وهنا نريد أن نؤسس لحالة تحترم فيها شرعية مؤسساتنا الوطنية، فشرعية المجلس كمؤسسة وطنية نحتاج إليها ليكون هناك توازن بين السلطات، أما نقد أداء الأعضاء فهو أمر مشروع، ولا يجوز أن يفلت أي نائب من عدسة الراصد حتى تقدم عنه صورة حقيقية تساعد ناخبية بمعرفة مدى توفيقهم بخيارهم.
فمشاركة التيار الإسلامي كانت ستضيف نكهة للبرلمان، لكن أيضا غيابهم واختيارهم عدم المشاركة لا يقلل من شرعية المجلس كمؤسسة دستورية، فالمجلس شرعي مئة بالمئة، والقول بغير ذلك يعتبر تضليلا واستخفافا بعقول الأردنيين وبخاصة من أدلوا بأصواتهم ومارسوا حقهم الدستوري في سعيهم لانتخاب سلطة تعمل على احداث توازن بين السلطات، فهؤلاء يستحقون الإحترام لانهم اختاروا أن لا يلعنوا الظلام بل العمل.
وبالمناسبة عندما نستمع لمثل هذه التصريحات، ألا يحق لنا أن نضع اشارة استفهام كبيرة على مهنيّة العديد من الباحثين الجدد الذين لا يترددون في الافتاء بما يعلمون وما لا يعلمون؟! أم أن الهجوم المسبق على شرعية المجلس النيابي يعبر عن حالة سياسية فيها الكثير من الهستيريا والقليل من الحصافة؟!
إنتهت الإنتخابات النيابية على خير وأصبح لدينا مجلس نيابي منتخب من قبل الشعب الأردني، ولا يمكن الحكم على المجلس الجديد قبل أن نرى أداءه وبخاصة وأن الغالبية العظمى من اعضائه هم جدد.
سيسلط الضوء من الآن فصاعدا على أداء النواب وبخاصة الجدد منهم، وبالفعل هناك عدد منهم نعرفه في العمل العام وله مساهمات كبيرة وينتظر منه الاستمرار في تقديم ذات الأداء الرفيع. وقد تبرز نجومية البعض وربما لا يوفق الكثيرون منهم، عندها سيكون النقد هو السلاح لتصويب الأداء، لكن حتى لو أخفقت غالبيتهم في تقديم أداء ملفت فإن شرعية المجلس مصانة وهي من التابوهات التي لا يجب الإقتراب منها. لقد عبر البعض عن امتعاضه من مشاركة بعض مؤسسات البحث وتطويعها لنتائج الأبحاث في سياق انضمامها لحملة نزع الشرعية عن المجلس السابق.
نقول يكفي لأننا سئمنا من لعبة مملة ساهمت في إفقاد عدد من المؤسسات لهيبتها ومكانتها بحيث اصبح التطاول عليها من الأمور اليسيرة. ربما علينا أن نذكر المستجد من الباحثين من أن شعبية الكونغرس كانت قد وصلت إلى أقل من 27% في عام 2006 بحيث كانت هناك حالة عدم رضا كبيرة عن ادائه ، لكن أحداً من المراقبين أو الباحثين (حتى الجدد منهم) لم يشكك في شرعية الكونغرس، ربما على الذين يتشدقون بالديمقراطية أن يتعلموا قليلا من الغير.
(الرأي)