وبعدين؟؟..
بيتنا تحوّل الى «الاتجاه المعاكس» ..في غرفة الأولاد، غرفة العيلة ، غرفة الضيوف، غرفة النوم ، أثناء الوضوء..اسمع نفس الحديث..ونفس الجدالات..
أصاب بحموضة «الملل» فأخلع بيجامتي المخططة ، أرتدي ملابس «الطلعة» وأدخل الدكاّن القريب من باب تغيير الجو،اقابل صاحب الملبنة، اتناول أرغفتي الثلاثة من الفرّان، أطلب «ارجيلتي» ، أدخل صالون الحلاقة ..فأفاجأ بنفس الحديث..نتائج الانتخابات،عدد الأصوات ، انقلابات العشيرة، الخسائر ،شراء الذمم ، الجلطات الهوشات..الخ!!.
الكل يتحدث ويحلل ويؤكّد بنفس العبارة : «انت خذ مني بس»!! ... مما يثبت بأننا أمة مهووسة بالتعليق ..عمر الحدث عندنا ساعات..والتعليق عليه يأخذ سنوات- تلاحظون أنه الى اللحظة ما زالت تعقد مؤتمرات وورش عمل ومهرجانات خطابية عربية عن أسباب نكسة حزيران (قبل نصف قرن)..بينما (اسرائيل) لا زالت ماضية ببناء عشرات المستوطنات دون ان تعقد مؤتمراً واحداً أو ورشة عمل واحدة تفصح فيها عن اسباب (فوزها بحرب حزيران)- نحن أمة تموت في التعليق والتحليل...وبمعط عبارة : «انت خذ مني بس»..
**
قبل انتخاباتنا بأسبوع فقط ، جرت في أميركا انتخابات نصفيه للكونجرس سيطر الجمهوريون على مجلس النواب الأميركي.. وكالعادة لم ينشغل الشارع الأميركي بعدها الا بعمله وواجباته الوطنية والوظيفية وبحياته الطبيعية وكأن الانتخابات لم تجرِ..ولم نسمع أن الأميركان قطعوا طريق نيويورك – واشنطن. ولم يحرقوا اطارات في وسط المدينة أو يكسروا زجاج مدرسة ابتدائية أو «يمصعوا» رقبة مراهق، ولم يقولوا «انت خذ منّي بس»..
لا وقت عند الجماعة لإضاعة الوقت...أما في بلدنا ..يستطيع أي «حجي ذارب كوع» ان يمضي 17 سنة وهو يتكلم عن الانتخابات والتحالفات وجماعة جوز فزة ، وابو يحيى، وكرمة العلي ...دون ان يكل أو يمل أو يشعر «بزحمان»..
***
شخصياً نويت ان اتخلص من «دبق السولافة» الى الأبد، أريد ان اعيش حياتي وأكتب مقالي كالمعتاد بعيداً عن جو ومفردات الانتخابات..لذا منذ الصباح أحضرت من المؤسسة المدنية جميع مستلزمات التعقيم .. «علبة ديتول»..«هايبكس» ،»فلاش»..وفرشاة مكوّرة....كما سأدلق جالون كاز 20 ليترا في أرضية دماغي ..وأشطفه بالمكنسة والقشّاطة حتى أزيل كل «عوالق الانتخاب» و»زنخة» التصويت، و «دبق التبرير»...ثم أرشه بملطّف جو واتركه مشرّعاً للأحداث الجديدة...
بصراحة زهقنا حكي!!
ahmedalzoubi@hotmail.com
(الرأي)