أمضى زميل سبع سنوات أو أكثر وهو يعمل على تطوير فكرة مشروع عام يخدم أحد القطاعات، وبعدما وصل الى مرحلة متقدمة من تطوير المشروع قام بعرضه على أحد كبار المسؤولين في حينه وكان على تماس مباشر مع هذا القطاع. وما هي إلا فترة قصيرة حتى أطلق المشروع بقوة وكان صاحب المشروع آخر من علم بذلك، ليتبين أن المسؤول قدم المشروع على أساس أنه من نتاج أفكاره الخارقة.
للأسف حاول كثيراً أن يوضح ما جرى له ولمشروعه لكنه في كل المرات واجه إحدى إما إغلاق بعض الأبواب أمامه وإما في الأبواب التي فتحت القول له ببساطة عليك أن تفرح لأن فكرتك أو مشروعك أصبح موضع التنفيذ، وليس مهماً من صاحب الفكرة طالما أن البلد هي المستفيدة منها، وما هي إلا أشهر حتى جاءت إرادة الله وأخذ أمانته ورحل هذا الزميل إلى الرفيق الأعلى وقلبه يغص بالإحباط والشعور بالنكران والغبن.
للأسف مرة ثانية، ان نتائج الاستيلاء على مقترحات المشاريع من قبل بعض ضعاف الأنفس لا تقف عند هذا الحد من التبسيط، لأن مثل هذا الفعل يتجاوز بآثاره وأضراره جريمة الخيانة، فضلاً عن حرمان البلد من فرص الاستفادة من خبرات أبنائه ومبادراتهم وأفكارهم، وبدل من تحفيزهم على الإبداع في تقديم الأفكار والمشاريع ستحيلهم إلى أشخاص يملؤهم الإحباط والشك والحنق.
أما المسؤول الفذ فقد واجه بالنهاية عقوبة السجن لجرم لا يبتعد كثيراً بآثارة المدمرة على البلد واستقرارها عن جرمه السابق. وأما المشروع فقد تعثر إذ لا يكفي أن تقوم بالاستيلاء على مشروع غيرك حتى تضمن نجاحه، ذلك أن كثير من العناصر اللازمة لنجاحه تكمن خارج أوراق المشروع وتقبع بيد صاحبه الذي من حقه أن يكون جزء في عملية تنفيذه.
يبقى القول أن مثل هذا الفعل يمثل جريمة فظيعة، وهذه جريمة يجب أن تعّرف بالقانون، ولا بد من التصدي لها بحزم شديد، وهناك طرق عدة لتحقيق ذلك، ومنها السماح عبر آلية واضحة بتسجيل أفكار المشاريع بأسماء أصحابها والحصول على رقم إيداع لها يحفظ لصاحبها حقه بالتقاضي، أو من خلال وجود نافذة تتيح للشخص المعني أن يتقدم بطلب للتحقق من أن مقترح مشروعه قد تعرض لمثل هذا الجرم على أن يتم ذلك بطرق شفافة ومحصنة. وأنا مطمئن أن مثل هذا المشروع لن يسرق لإنه يحرم اللصوص من نافذة لسرقاتهم.