تقول إحدى مسوحات دخل ونفقات الأسرة في الأردن أن العائلة الأردنية المتوسطة تنفق أكثر من دخلها، بمعنى أنها تدبر العجز من مصادر اخرى أهمها الديون.
لأسباب كثيرة لا يفصح الناس عن مصادر دخلهم غير المعروفة لكن ان صح ان الغالبية العظمى تستدين لسد عجز النفقات فهذا ما يبرر تصاعد بند السلف الشخصية من البنوك ومن مصادر التمويل الاخرى وربما بين الافراد بعضهم من بعض.
لتقريب الصورة أكبر فان ثاني أكبر حصة من قروض الأفراد تعود إلى السلف الشخصية حيث شكلت 35.1%من قروض الأفراد.
أما المركز الثالث فكان من نصيب بند النفقات الاستهلاكية وشكلت حوالي 13.1 %من قروض الأفراد، والحالة هذه ليس مستغربا أن يكون متوسط نسبة العبء الشهري لمديونية الفرد إلى دخله في الأردن، 45%. المسوحات لا تتضمن سؤالا للعائلات عن مصادر تمويل الفرق بين الدخل والنفقات وهو ما كان يجب ان يسأل عنه على الأقل لفك طلاسم هذه الحالة الغريبة.
الأصل أن تنفق الأسرة أقل من دخلها وتدخر الباقي.
أكبر دليل على غياب المعلومات يبرز في تصنيف الأردن لدى البنك الدولي الذي وضعه ضمن «الشريحة العليا من البلدان متوسطة الدخل» حسب مستوى الدخل للعام المالي 2021-2022، التي يتراوح نصيب دخل الفرد فيها من الناتج القومي الإجمالي بين 4.096 ألف و12.695 ألف دولار سنويا للفرد وان نصيبه من الناتج القومي الإجمالي 4310 آلاف دولار للعام 2020، مقارنة مع 4410 آلاف دولار للعام 2019.
الأفراد مثل الخزينة ليست مدينة فقط لمؤسسات الاقراض المعروفة داخليا وخارجيا فهي في كثير من الاحيان تسحب من حساب إيرادات المستقبل مثل تقاضي الضرائب من الشركات قبل أوانها والأفراد ليسوا مدينين للبنوك فقط، فهناك ديون أخرى لصالح مؤسسة الإقراض الزراعي، وصندوق التنمية والتشغيل، ومؤسسة الضمان الاجتماعي، وضريبة الدخل وإلى بعضهم البعض وجمعيات إلى آخره.
أما توزيع الإنفاق على البنود فهو مرتبط بمستوى المعيشة بين فقير ومتدني الدخل ومتوسط وميسور، وهو تصنيف يكاد ينفرد به الأردن.
يفترض أن يرتفع إنفاق الأسرة كلما ارتفع دخلها، ولكن ما يحدث هو العكس ومثال ذلك أن نفقات حصة الطعام ينخفض بدلا من أن يرتفع ما يعني أن الأولويات تتبدل لتذهب النفقات إلى بنود اخرى مثل الاتصالات والنقل والتعليم وغيرها من حساب حصة الطعام، وهو لا يعني بالضرورة أن الدخل يتحسن أو يسوء بل يعاد توزيعه.
يفسر البعض نفقات العائلة بأكثر من دخلها ببيع بعض موجوداتها، ولكن ذلك غير متكرر وكثير من الناس ليسوا من الملاك وينطبق ذلك على الاقتراض من البنوك أو الأقارب والأصدقاء، فله حدود.
الثابت في كل الدراسات والمسرحيات أن الأسرة في الأردن تنفق أكثر من دخلها فمن أين يتم تغطية العجز؟.
تفسير ذلك يمكن رؤيته بوضوح في نوع وحجم القضايا في المحاكم.
(الراي)