يقـع الأردن ضمن قائمة أفقـر عشرة بلدان في العالـم من حيث المـوارد المائية، الأمر الذي يفرض كفـاءة عالية في إدارة واستخدام مرفق المياه لتحقيق أفضل النتائج.
تسعير الماء بأقل من الكلفة، سواء كان ذلك لأغراض الشرب أو الري هو دعوة مفتوحة للإسراف في استخدام الماء.
الأسعار الحالية المخفضة لأسعار مياه الري تسـمح بزراعات تستهلك قدراً كبيراً من الماء، وهي عـادة زراعات تنتج للتصدير. وبهذا المعنى فإن الأردن يصدّر الماء تحت اسم الخضار والفواكه. وفي بعض الأحيان تكون حصيلة الصادرات الزراعية أقل من الثمن الحقيقي للماء المستخدم في إنتاجها.
تشير الإحصاءات إلى أن صادرات الأردن الزراعية من الخضار والفواكه والأعلاف تبلغ حوالي 500 مليون دولار سنوياً، والمطلوب حساب قيمة الماء المستخدم في إنتاج هذه الصادرات، محسوباً بالأسعار الاقتصادية غير المدعومة، لنعرف ما إذا كان من المجدي الاستمرار في هذه العملية، أم أنها تشكل عاملاً سلبياً من وجهة نظر وطنية.
هنـاك أكثر من سؤال لا يمكن تجنبـه بهذا الصدد، الأول ما إذا كانت هناك استعمالات بديلة للمـاء أكثر جـدوى سواء لإقامـة صناعات جديدة تعتمد على الماء، أو توفير المزيد منه للأغراض المدنيـة، أو تغيير النمط الزراعي باتجاه محاصيل أقل اسـتهلاكاً للماء، بحيث يمكن إنتاج أكبر حجـم ممكن بأقل مياه ممكنة.
السـؤال الثاني هل هناك بدائل لرفع السـعر يجب استيفاؤها أولاً، مثل وضع حد لسرقة المياه سواء في المدينة أو في الأغوار، ووضع حد لتسرب المياه في الأرض بسـبب الشبكة المهترئة وسوء الصيانة في المدن حيث يصل الهدر إلى حوالي نصف الكمية.
هذه الأسـئلة جاهزة لإلقائها في وجه من يدعو لترشـيد استهلاك المياه عن طريق السياسة السعرية. وهي أسئلة مشروعة، وعلى الجهات المسؤولة أن تجيب عليها وتتصرف على ضوئها.
لا يكفي أن تقرر الحكومة عدم رفع أسعار المياه أو الكهرباء قبل نهاية السنة، فإذا كان التسعير الحالي يلحق ضـرراً، فلماذا نؤجل الحل ليتراكم المزيد من الضرر إلا إذا كان المقصود بالتأجيل تهيئة الرأي العام لقبول ما لا بد منه.
المياه والطاقة قضايا جوهرية واستراتيجية تستحق العناية وسياسات مستقرة مدروسة للتعامل معها على الأجل الطويل.
(الرأي)