في المعلومات ان الأردن سيفعل حملة اتصالات عربية واوروبية واميركية خلال الايام القليلة المقبلة، وعلى مستوى سياسي رفيع بشأن قضايا عديدة، من أبرزها ملف القدس، والمسجد الاقصى، خصوصا، في ظل التحديات التي نراها من جانب الحكومة الاسرائيلية، التي تحاول خلط الاوراق داخل الحرم القدسي.
المساعي الأردنية هنا، سبقتها اتصالات خلال الفترة الماضية، لأن التقييمات هنا في عمان، كانت تؤشر على ضرورة اطلاق جهد استباقي لما سوف يستجد داخل الحرم القدسي، وهذا الجهد تلخص بعدة اتصالات، أغلبها غير معلن، فيما سيقوم الأردن خلال الايام المقبلة باتصالات سياسية على مستوى سياسي رفيع، اضافة الى حملة زيارات سياسية، بسبب ما يهدد المسجد الاقصى، الذي تعد الوصاية عليه هنا، هاشمية، فيما السيادة فلسطينية، وبسبب المخاوف مما قد يصل اليه الوضع داخل القدس، وعموم الاوضاع داخل الضفة الغربية.
الأردن هنا يقف بين معادلات صعبة، فهو لا يتخلى عن مسؤوليته بشأن المسجد الأقصى، وفي الوقت ذاته لا يقدم ذاته على اعتبار انه دولة عظمى قادرة على صياغة الموقف وحيدة، بما يعني ان ملف الاقصى يعد ايضا ملفاً عربيا واسلاميا، بما يرتب على كل الاطراف مسؤولية مباشرة او غير مباشرة، وإذا كان اللوم يتم صبه فقط على الأردن، من جانب البعض، فإن تعقيدات الموقف الأردني، تفرض عليه التحرك المبكر، لكن دون ان ننسى وجود مسؤولية ايضا على العالم العربي والاسلامي، إضافة الى ما يقوم به الشعب الفلسطيني من دور مهم داخل الحرم القدسي، باعتباره طوق الحماية للمسجد الاقصى، وهناك حالات موثقة على قدرة الفلسطينيين على الوقوف في وجه الاحتلال، مثل حادثة البوابات الالكترونية، وما جرى في رمضان قبل عامين داخل الحرم.
المعلومات تؤكد هنا على ان الأردن سيذهب في مواجهته هذه المرة مع اسرائيل الى آخر نقطة متوقعة او غير متوقعة في ملف الاقصى، وكل الخيارات متاحة، بما يحمي مصلحته الوطنية ولا يهددها، فهو لن يتراجع امام التهديدات الاسرائيلية للحرم القدسي، وهذا يفسر الجهد الاستباقي المبكر، والجهد المتمم الذي سنراه، وهناك ادلة على حالات سابقة، بقيت معلوماتها مكتومة تثبت ان الأردن على موقعه الجيوسياسي المعقد، قادر على ان يذهب في التصعيد الى اعلى سقف، ويأتي هذا الكلام ردا على من يقولون ان الأردن لا يمتلك الجرأة على التصعيد ضد اسرائيل.
في تقييمات عمان، فإن الأردن على الرغم من تشبيكه الاقتصادي مع اسرائيل على مستوى ملف المياه، والغاز المولد للكهرباء، وما يرتبط بالأمن والحدود، والتنسيق اللوجستي، لا يرى ذاته في موقع الضعيف، فهو ايضا يفترض ان الجانب الاسرائيلي لديه حسابات داخلية واقليمية ودولية، يجب ان تردعه سياسيا، عما يفعله، وعما يمكن اعتباره مهددا للأردن بشكل استراتيجي، وما يمكن ان يكون سببا في تثوير الداخل الفلسطيني.
لا يفصل الأردن حملته السياسية دفاعا عن الحرم القدسي، على مستويات اقليمية ودولية، عما تتعرض له المقدسات المسيحية، من اعتداءات على الكنائس، ورجال الدين المسيحيين، وغير ذلك، وهذه ليست ثنائية براغماتية لتوظيف المقدس المسيحي مع المقدس الاسلامي، امام المجتمع الدولي، بل لأن الاستهداف الاسرائيلي تجاوز كل الخطوط بشأن هوية المدينة المحتلة، ولأن عمليات التغيير الجارية خطيرة جدا، من حفر الانفاق حول الاقصى، وتحته، والتحكم بالصلاة فيه، وتهديد مبانيه، وصولا الى السطو على اراض تابعة للكنائس بشكل عام.
رئيس الحكومة الاسرائيلية وتركيبة حكومته، التي تجنح للتهديد وتصفية الحسابات، بشكل أرعن، لن تكون مطلقة اليد، وتفعل كما تشاء، خصوصا، ان هناك حملة جارية ازاء ما يفعله الاسرائيليون، وهذه السياسات التي تتبناها اسرائيل حاليا، ستؤدي الى خلخلة داخل اسرائيل ذاتها، اضافة الى كلفة ذلك على اسرائيل دوليا، بما يعني ان التأويلات التي تقول ان نتنياهو يرفع سقف المواجهة بشكل متعمد، لابتزاز الأردن، قد تكون صحيحة، من اجل الوصول الى نقطة تهدئة في مرحلة ما، من خلال اتصالات مباشرة بين الأردن واسرائيل.
في كل الاحوال الكلام السياسي والدبلوماسي هنا، على اهميته لا يخفي نهاية المطاف، حجم المهددات الاسرائيلية، ولا الاخطار المحتملة، في ظل تغير معادلات كثيرة في الاقليم.
التوقيت اختلف، والحلول بالتأكيد يجب أن تختلف بشكل جذري.
الغد