معهد الإدارة العامة وتطوير أداء المؤسّسات الحكومية
فيصل تايه
15-01-2023 12:13 AM
قد تعود معوقات الأداء في بعض المؤسسات الحكومية الى الضعف الإداري في ادارة شؤونها ، ما استوجب السعي الى اتخاذ إجراءات ملموسة تسهم في رفع كفاءة تلك المؤسّسات ، وتحسين أدائها ، والتركيز على كيفيَّة إحداث نقلة نوعيَّة في خدماتها ، من هنا جاء التفكير الجدي بضرورة العمل ضمن منظومة تطوير وإصلاح القطاع العام ، من خلال التدريب والتمكين للمورد البشري ، من خلال "معهد الإدارة العامة" الذراع التدريبي التنفيذي لموظفي الحكومة ، والذي يرتبط ادارياً برئيس ديوان الخدمة المدنية ، حيث يتمحور دوره في مساعدة الدولة للوصول إلى قطاع عام ممكّن وفعال ، ذلك بإجراء الدراسات والبحوث ، وتقديم الاستشارات في مختلف مجالات الإدارة العامة ، وتنظيم البرامج التدريبية لتأهيل وتدريب الموظفين وتطوير مهاراتهم ، من خلال تدريب موجه ، حيث يعتبر التدريب من العناصر الرئيسية لتمكين ورفع قدرات الموظفين ، باستخدام استرتيجيات التدريب الفعالة والتي تمتاز بالشمولية للفئات الوظيفية كافة .
من يقرأ تاريخ الدولة الأردنية الحديثة يعلم ان لمعهد الإدارة العامة تاريخ عريق في تدريب وتأهيل الموظفين على مدى عقود ، فهو بيت الخبرة في مجالات الادارة العامة منذ انشائة عام ١٩٦٨ ، الا انه شهد منذ ثلاث سنوات نقلة نوعية في مجال عمله بعد تحديث بنيته التحتية كاملة ، ليأخذ موقعا هاما على المستوى المحلي والإقليمي ، حيث عني بالبرامج المخصصة للموظفين الجدد وصولاً لبرامج الفئة العليا ، اضافة الى تمكين القيادات الحكومية بما فيها الفئات العليا المخصصة لشاغلي وظيفة أمين ومدير عام ، ناهيك عن برامج القيادات التنفيذية لشاغلي الوظائف الإشرافية والقيادية الوسطى ، وبرامج القيادات النسائية والشبابية والحكومية .
الى ذلك ، فمن الضرورة بمكان عرض تجارب بعض مؤسسات الدولة المختلفة ، ضمن سعيها لرفع سوية أداء أجهزتها ، وتطوير مهارات موظفيها ، والارتقاء بكفاءتهم ، وهذا يدفعنا للحديث عن تجربة أكبر الوزارات "وزارة التربية التعليم" ، هذه الوزارة التي تسعى الى اعادة النظر بأداء كوادرها الادارية والفنية في الميدان والمركز ، في تطور ملموس وضمن الاجراءت التي يتخذها صاحب القرار في هذه الآونة ، تماشيا مع توجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني في رفع سوية أداء الجهاز الحكومي ، فهي ماضية في اعتماد سياسة استراتيجية جديدة ، ضمن أولويات عملها ، في خطوات هامة تتطلبها الضرورات الحتمية ، حيث بدأت تحرص كل الحرص على تدريب وتأهيل كوادرها بما يكسبها المهارات اللازمة فيما يتعلق بالنمو الوظيفي ونظام الرتب ، او عملية التنمية والتطوير ، او البرامج التدريبية الخاصة المتعلقة للترفيع الجوازي والوجوبي ، سواء من خلال الشراكة مع المعهد أو التدريب المتخصص ، لذلك فقد عزمت على ابرام اتفاقية تكاملية للتعاون المشترك مع "معهد الإدارة العامة" لأهمية رفع كفايات الكوادر التربوية ، من خلال تأهيلها وتدريبها وتزويدها بالمهارات والمعارف اللازمة كأحد ركائز عملية التطوير التربوي.
وأخيرا ، لا بد من الاتجاه الحقيقي نحو الاستفاده من برامج المعهد وادبياته ومنهاجه الفعال ، وضرورة إحداث التغيير الجذري في العقل المؤسسي لقطاعات الدولة المختلفة وطريقة إدارتها ، وبالشكل الذي يمكنها من إدارة شؤونها وتحقق أهدافها المرجوة من خلال القيادات الواعدة ، والشخصيات الوطنية القيادية المؤهله ، التي تستطيع أن تقنع الجميع بالالتفاف حولها وتستحق المكان والمنصب .
بقي ان أقول ، ان من الضرورة بمكان ونحن ماضون في الإصلاحات المرتبطة بتحديث منظومة القطاع العام زرع القيم والتوجهات النبيلة في عقلية متلقي الخدمة والمتدربين من موظفي الدولة ، واشراكهم بالافكار التي تقود الى تحديث القطاع العام ، باعتباره رافعة أساسيَّة للإصلاح الاقتصادي ، سائلا المولى عز وجل التوفيق لهذه المعهد وتنفيذ البرامج التي من شأنها تحديث الإدارة العامَّة وتطويرها.
والله ولي التوفيق