مصر بخير.. وستبقى أم الدنيا بخير بعزيمه ابنائها وبعمق مكنونها الحضاري وبصلابة وحدتها الوطنية خلف راية الانجاز التي تقودها قيادتها، وعلى الرغم كل محاولات قوى الشد العكسي الاقليمية في خاصرتها الجنوبية والغربية والشرقية والتحديات الجسام التي رافقت مسيرة الانجاز المصرية، ستبقى مصر بسلام وامان وستعود مصر لبريقها العربي ودورها الاقليمي الفاعل ولمكانتها المؤثرة في بيت القرار الدولي.
هذا ما يتفق عليه وحوله اغلب المتابعين وان ذهب البعض منهم للتوقف حول سلبيات المسيرة دون النظر لحجم الانجاز الذي قام بتشييد وترميم عشرات المدن في وقت قصير نسبيا اذا ما قورن بحجم الانجاز ، وهي النظرة النقدية التي حملها تقرير البنك الدولي في المطالبة "بحسر مساحة عمل المؤسسة العسكرية في الميادين التنمية وهو مطلب كان موجود اصلا في الاستراتيجية التنموية التي كانت منذ البداية تحت اشراف الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي لم تفوته هذه المسألة في خطة العمل العام بقدر ما أراد استثمار عزيمة الجيش في انتهاء اعمال البنية التحية التي كانت متهالكه قبل استلامه لسدة رئاسته، وهو ما تم انجازه في زمن قياسي وفي كلفة تعتبر متواضعة اذا ما قورنت بحجم الانجاز الذي تحقق.
وأما مسألة اعادة التموضع فهي مسألة قيد التنفيذ، لكنها بحاجة لبعض الوقت حتى تحل الحكومة المدنية بمكان مساحة العمل التي كانت تشغلها السلطة العسكرية ويدخل القطاع الخاص كلاعب اساس في استكمال مسيرة التنمية بعدما انتهت عملية البناء الأساسي لاعمال البنية التحتية .
إن محاولة ادخال مصر في أتون (فوضى مالية) هي محاولة مكشوفة ولن تنال من مصر ولا من عملتها النقدية، فان مصر ليست لبنان كما يصف ذلك احد السياسيين او حتى أي دولة أخرى ضربتها رياح الفوضى المالية او النقدية حتى تستكين حركتها التنموية وتؤثر على تسارع ميزان التنمية النشط الذي كانت تقف عليه مسيرتها النمائية .
عندما كانت تعتبر عند مجموعة الشركات الرائدة عالميا حصان الرهان في المشهد الاقتصادي على المستوى الاقليمي ذلك لأن العقد الاجتماعي بين النظام المصري وحواضنه الشعبية هو عقدة صلبة ومتماسكة، كما ان المؤسسات المدنية والعسكرية والامنية تحمل قوام مشترك، والموضوع يدور حول مساحة العمل او ما يعرف بنظام الضوابط والموازين المراد ارساءه بعملية اعادة التومضع والترسيم .
وفي الاتجاه المتمم، فإن رياح الفوضى المالية التي تم بناء حواضنها ذاتيا والضغط على جيوبها موضوعيا يراد منها تحقيق اهداف تبدو معلومة عند الكثير من المراقبين كونها تستهدف اختزال حركة مصر السياسية والدبلوماسية واختزال حركتها في جيوب تحدياتها الداخلية بما يجعلها غير قادرة على المناورة السياسية في القضايا الاقليمية ليتم من بعد ذلك التخفيف من ثقل مصر الدبلوماسي في ميزان الاحداث، وهو امر صعب المنال لاسباب داخلية واخرى خارجية .
وأما الاسباب الداخلية فتمثلها المكانة الاعتبارية للمؤسسات المصرية في داخل جسم بيت القرار المصري، فالخارجية المصرية بشقيها الامني والدبوماسي هي مؤسسات لها كينونتها الاعتبارية الخاصة في البيت القرار ،وهذا ما يجعل الشأن الخارجي المصري لا يحمل أوزار او تبعات تجعل من ميزان حركته ثقيلة.
وأما السبب الموضوعي المتمم، فإن المحتوى العربي لمصر يشكل حاضنة داعمة لمسيرتها التنموية، فإن العرب لن يتركوا مصر وحيدة في مواجهة هذه الازمة العميقة التي حكما ستتخطاها مصر كما سيتخطاها الجنيه المصري على الرغم من خطورة المنزلق الذي تقف عليه وهو ما دأب للتأكيد عليه جلالة الملك عبدالله الثاني بقول: "إن قوة مصر من قوة الأردن والأمة" .
صحيح أن الجنيه المصري فقد نصف قوته الشرائية منذ بداية العام الماضي جراء حالة التصخم العالمي، لكن ما هو صحيح ايضا أن الأموال غير المنقولة (الاراضي /العقارات) التي تم تجهيزها باعمال البنية التحية في عشرات المدن قادرة على تعويض هذا الاختلال المالي في وقت قياسي قصير في حال بدأت عودة المنازل المالية الى ما كانت عليه قبل دخول مصر بدوامة الفوضى المالية وعودة الاستثمارات الخارجية المصرية الى حاضرة الاستثمار المصرية كما يصف ذلك اهل السياسية الاقتصادية بقول إن الارض التي تقف عليها الحركة الاستثمارية المصرية وميزان النقد المصري أقوى بكثير من عوامل التعرية التي تريد ان تنال من مكانة مصر ومن منزلتها وهي التي بات فيها هرم الانجاز يشكل هرما آخرا يضاف لأهرامات الاعجاز في مصر، وهذا ما يجعلنا نقول : "مصر بخير" .