في كل لقطة وفي كل ثانية اشاهد فيها التلفزيون الاردني لا اجد سو كلمة "يا لطيف تلطف من هول الرداءة والهبوط المريع في الذائقة البصرية لمن يقومون بادارة هذا المرفق الحيوي.
لقد اضحى التلفزيون الاردني موضوعا حيويا للمناقشة بين المهتمين ، واذا كانت الاراء تختلف في طبيعة الحلول الواجب اتباعها فانها تجمع حكما على ان ثمة مشكلة في ، تحتاج الى حل.
ولنناقش المسألة بهدوء: هل يحوز اداء التلفزيون الاردني على اهتمام المشاهد الاردني، وهل نسب المشاهدين بازدياد ام في تراجع؟
اجزم بان الاجابة ستأتي سريعة بالنفي، ولكن ما هي الاسباب؟
قد تحتاج الاجابة الى نظرة محدقة فيما مضى من سنوات وما جرى خلالها من تطور كبير على وسائل الاتصال عالميا و اقليميا كما لابد من التعرف على مستوى الحاجة المتجددة للتاهيل والتدريب للفريق العامل وكذلك النظر في الاسس التي يدار فيها التلفزيون، ان كانت موضوعية او عائلية او "شمالاتية" نسبة للشمال او باي طريقة كانت.
اولا لقد جرت عملية هجرة جماعية للكوادر وللكفاءات على مدى عقد التسعينات، ولا تزال، بحيث افرغ التلفزيون من تلك الكفاءات التي هاجرت لتبني مؤسسات ومحطات ناجحة في وطننا العربي الكبير، ومن بقي في مؤسستنا ولم يهاجر فلاسباب اما تتصل بظروف شخصية تمنع من السفر او لامر متصل بالكفاءة.
كما تضخمت موازنات المحطات المنافسة عشرات المرات في حين تقلصت موازنة التلفزيون الاردني حتى اضحى من افقر المحطات العربية، مالا ورجالا رغم الضرائب التي تجبى باسمه.
ولو وقف الامر عند تحد نقص الكفاءة وشحة المال لقلنا ان الامر لا يحتاج سوى لدورات تدريبية وتأهيلية بالاضافة الى ضخ المزيد من المال اليه عبر محسن كريم او باجراء ضريبي جديد فيصبح النجاح في متناول اليد لكن ،للاسف الشديد، المشكلة تبدو اعمق واكبر.
ثمة مشكلة متصلة باليات الادارة الحكومية التي تعامل التلفزيون كما لو انه دائرة حكومية مع ما يرافق ذلك من اغماض للعين عن خصوصية وخطورة الاعلام المرئي، حيث تجري عملية ادارة هذا المرفق الاعلامي الحيوي بعقلية بيروقراطية موغلة في التأخر والمشكلة دوما في عبارة "حسب الاصول" التي تحيل المتعامل مع الادارة التلفزيونية الى قوانين وانظمة تصلح للتطبيق في أي دائرة حكومية باستثناء الاعلام.
ثمة مشكلة اخرى وتتعلق - حسب زعم الادارة الحالية- بتعدد المرجعيات مما يجعل مقترف الخطأ في حل من المساءلة كونه يحيلها على أي مرجعية في الدولة، غير ان تدخل المرجعيات ليس موجودا البتة الا في الموضوع الاخباري الذي يتوجب ان يكون منضبطا لان التلفزيون الاردني في الموضوع الاخباري لا يتحدث باسم ادارته بل باسم الدولة وما عدا ذلك فكل الاجتهادات بخيرها وشرها هي من مسؤوليات الادارة المباشرة، اذن الحجة بان تعدد المرجعيات هو سبب التاخر ليس اكثر من ذر للرماد في العيون، وقصر ذيل .
في القطاع الخاص عندما تفشل ادارة في ادارة مرفق يقوم المالك بتصويب الاخطاء بما فيها البحث عن ادارة جديدة تستطيع تحمل المسؤوليات، لكن لدى القطاع العام تصبح اعتبارات انتقاء الادارة للمرفق الاعلامي منصرفة عن الاعتبار المهني لمصلحة اعتبارات اخرى تضع المهنية في ذيل المعايير، لذلك فان المدير المعين ولكي يحقق النجاح ينصرف ذهنه عن الاعتبارات المهني التي لم تكن حاسمة في قرار تعيينه ملبيا احتياجات ليست من صميم المهنية فيقع فورا في الخطأ الجسيم ورغم ذلك يحمل على الاعناق لانه استطاع ان يعمم السخف باسم الوطنية والانتماء للوطن.
علينا ان نسأل انفسنا : ماذا نريد من التلفزيون الاردني، هل نريده محطة اخبارية كالجزيرة مثلا ام محطة ترفيهية مثل روتانا ام محطة لتغطية الفعاليات الرسمية التي قد لا تجد تغطية مماثلة في محطات القطاع الخاص.
انا لا اعرف الاجابة، ولكن الحكومة معنية بان تكون مالكة لاجابات على كل الاسئلة المفتوحة واولها ضرورة اقرارعقوبة التعزير بحق الذين يجتهدون في افساد الذوق العام.
samizbedi@yahoo.com