مرّ اليوم العالمي لمحو الأميّة أمس الأحد الثامن من شهر كانون الثاني، وكالعادة تغنّت وزارة التربية والتعليم بإنجازاتها، وجهودها في خفض نسبة مية، كما اهتمّت بعض الأقنية التلفزيونية بنقل نسب الأميّة في العالم، ولمن فاتته هذه الأخبار أقول: خفّضنا نسبة الأميّة إلى أقل من5%، بينما هي في دول عربية مثل مصر، والسودان، والمغرب، وموريتانيا حوالي 25%.
غاب عن هذا الإعلام أمران مهمّان:
الأول؛ أن النظام التعليمي هو أحد ينابيع الأميّة، فالرسوب والامتحانات الغبيّة وقسوة المعلم، وما يتعرض له الطلبة من صعوبات في حفظ معلومات لا قيمة لها، كل ذلك روافد خصبة للأميّة!
والآخر؛ وقد غاب عن إعلام الوزارة، واهتمت به مُعِدّة برنامج صباحي، ومقدّم البرنامج، فهو السؤال عن أنواع جديدة من الأميّة؛ قاصدين بذلك الأميّة الرقميّة، كان جوابي:
تتعدد أشكال الأميّة الجديدة لتشمل كلّا من:
- معلم لا يتقن عمله، وموظف لا يتعلم جديدًا، ومسؤول لا يمتلك رؤية مستقبلية هو في مقدمة الأميّين الجدُد.
- إنسان لا يتقن مهارات الابتكار، والتفكير الناقد، والتفكير الإبداعي، وسائر مهارات القرن الحادي والعشرين، هو أمّيّ أيضًا.
- صاحب شهادة لا يتقن مهارات الحياة، وفي مقدمتها مهارات التواصل والحوار، والنقد، وحل المشكلات دون استبداد، هو أمّيّ جديد أيضًا ولو حمل شهادة الدكتوراة أو وظيفة مرموقة جدّا!
- وكل من لا يمتلك مهارات المستقبل وتخطيطه، ويمارس عمله كما اعتاد عليه أجداده هو أمّيّ جديد أيضًا.
- وكل من لا يتقن مهارات الإيتكيت "قواعد السلوك العام" هو أمّيّ جديد.
إذن؛ أيّهما أشدّ خطرًا: الأميّة الجديدة أم القديمة؟ قد يكون الراعي نموذجًا لغير الأمّيّ إذا عرف طرُقًا جديدة لتنظيم الرعي، بينما يكون المهندس أميًّا حين يُدخِّن في المصعد!!! نعم هذا يحصل!
الأميّون الجدُد هم الخطر، فالتكنولوجيا قد تساعدنا في إتقان مهارات القراءة والكتابة، بل قد تقرأ لنا وتكتب ما نريد، لكنها لن تجعل منا مؤهلين لمهارات المستقبل!
احذروا الأميّين الجدُد، فهم المسيطرون في مفاصل مهمّة في حياتنا!