facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




عام جديد من مطل نغرة


عبدالرحيم العرجان
09-01-2023 09:52 AM

لختام هذا العام والاحتفال بالعام الجديد، قررنا أن يكون بمكان يأسر العين بسحر ما فيه وليكن مكانٌ جديد لم نشهده من قبل، ليكون مطل نغرة بوادي رم ذو الخصوصية والتفرد.

وضعنا خطتنا لنحتفي بجمال الطبيعة، لنبدأ بتجربة جديدة بوادي رم، الشاسع بمساحة بما فيه من إرث وجمال والذي وهبنا الله إياه في الأردن، وبعد الاتفاق مع زميلٍ للوصول لقرية رم "حيث كان ينتظرنا هناك" فقد قررنا أن تكون رحلتنا على ظهور الجمال للوصول للمخيم المحلي، خلف جبل الخزعلي من الجهة الشرقية ضمن الطريق المؤدي إلى قمة أم الدامي والتي تعد أعلى جبال المملكة.

فوضعنا في جراب سرجيها متاعنا، واعتلينا الرواكب، ممسكين بالخطام وهو الحبل الذي يقاد به البعير، أما ركوب الجمل فهو جلسة خاصة إن علمت كيفية الركوب فيه، لتنطلق بعدها قافلتنا مجتازين جبل أم أربعين، مروراً بهضبة الغوافلة مقابل الخزعلي، والعبور بين رقيبة الودك والمغر الأعلى وحادي العيس، أما ابن المكان فيشير لنا بكل موقع باسمه المحلي المتعارف عليه وسبب ومعنى التسمية، حتى وصلنا لخشم المكسر وهنا كانت استراحتنا الأولى.

لنكمل طريقنا للمخيم باستقبال مضيفنا، ليدور فنجان القهوة علينا من دلال انتصبت حول نار الموقد، فلم نترك الشمس تغيب حتى نقتنص تلك اللحظة الأخيرة لها من العام وهي تختفي بين الغيوم من فوق تلة الخنيصر القريبة.

أكملنا ليلتنا بين سمر وأحاديث البادية بمجلس عربي أصيل، لنخلد إلى فراشنا استعداداً ليومنا القادم، وكما ودعنا الغروب استقبلنا الشروق الباكر مع برودة لامست الصفر، لنحمل متاعنا وما يكفي من طعام وشراب ليومين وليلة مستأذنين مضيفنا، ومتجهين نحو الجنوب عبر كثبان رملية تتوارى كالذهب مع انعكاس شمس الصباح ورطوبة الأرض، ولتخفيف الحمل، وضمان التوازن على الرمل توجب علينا استخدام عصي الارتكاز لتوزيع الحمل بين الأرجل واليدين، بجانب ارتداء حذاء ذو نعل عريض لتخفيف الانغراس بالرمل، حيث يفضل أن يكون يغطي الكاحل حتى لا تؤدي ليونة الأرض الى حدوث إصابة.

ومع انتصاف النهار كانت استراحتنا في صربوط عطية، وهو مكانٌ يقع خارج حدود المحمية، فهناك لا يوجد شبكات اتصال، أما المسير فقد كان مدهش حيث كنا نسير بين الشوامخ والممرات التي فيها من الجمال من لا يعرف سحره إلا من مر فيها بمسير المتآني المتفكر بما تركه البحر القديم بعدما جف، فكل شبر فيه تفاصيل وكل خطوة فيها مشهداً آخر، إلى أن وصلنا إلى نقطة مخيمنا الذاتي وهي حلقوم نغرة، حيث مُطلة على أفق لا تنتهي من سلسلة جبال حسمة ومن هضيب الريح، والمغار وجبل الطفيحى، وأم نجيلة والبزري من الغرب، والبزوري والصلعى وأم الدامي من الجنوب.

وقبل أن يجن الليل جهزنا مخيمنا الذي اخترنا له شعاب أقل ما يكون عرضة للريح التي تعتبر متوسطة السرعة، حيث المتوقع أن تهب الريح مع منتصف الليل، ثم قمنا بجمع ما جف من حطب الغضا؛ لأعداد العَشاء وهو معلبات ومكونات "قلاية بندورة"، لنعود لمطل نغرة ذي الصخور الملونة، وعليها كتب كثير من الزوار اسمائهم أو تواريخ زيارتهم ومعظمها إنجليزية، مع أننا ضد ذلك ولكن ذلك جعلها لوحة فنية حيث نأمل ألا تتسع تلك المساحة للعابرين "فالذكرى لنا والمكان للعابرين".

وكما توقعنا كان الريح على موعدها إلا أن تجهيزاتنا من كيس نوم وعازل أرضي وتثبيت الخيام بعناية جعلت تلك التجربة التي استمرت حتى الفجر متعة، فما إن خلدت حتى نهضنا، وأعدنا إحياء موقدنا من الجمر الذي لم ينطفىء، ثم قمنا بإعداد الإفطار وحزم الأمتعة، التي خف وزنها بعد استهلاك الماء والطعام، أكملنا الرحلة سيراً على الأقدام نحو قرية رم، وهي نقطة الانطلاق ومن طريق آخر يلتف خلف جبل الخزعلي.

أما أكثر اللفتات جمالاً، هي لحظة تفقد وطلب المساعدة لنا من قبل دورية الشرطة السياحية، بابتسامة والتوصية بالتواصل معهم في حال احتجنا لذلك، بجانب اهتمام كل من كنا نصادفهم بسيارة الدفع الرباعي خلال رحلتنا، حتى وصلنا إلى جبل الطق وبيرة الشهير المسمى "بسد الطق" حيث تم بناء قنوات لجمع مياه الامطار وحصادها من حول الطود لتصب بالبئر ومثله الكثير في المنطقة، نادرة العيون والآبار الجوفية، والذي أصبح نقطة استراحة للأهالي ومعلماً للسُيّاح.

مع أن الخزعلي أشار إلينا من هناك، إلا أن المسافة في البادية يصعب تحديدها إلا لمن عرف المكان وتعلم كيفية ذلك من إبعاد النباتات وتوالي المعالم وهو ما أجدناه من ابناء المنطقة ومع الزمن والتجربة، فكلما اقتربنا منه، شعرنا بعظمة الطود وسط كثبات قد تموجت رمالها وأخفت ريح الليل، وكأنها تعيد توظيب المكان كما كان، الأمر الذي يدعوا أن يكون لديك دليل محليّ أو معرفة باستخدام تطبيقات التموضع وقراءة الخارطة وكيفية الخروج من المكان إن فقدت الأثر.

ومع وصولنا القرية سالمين نكون قد قطعنا مسافة 44 كم سيراً على الأقدام و 20 كم على ظهر الرواحل بمسار تحمل متوسط الصعوبة، ولتكتب ايضاً الشاعرة رانة نزال على أحد صور الرحلة بعد أن شاهدتها على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي:

أرفلُ فى ثيابِ السّكينة التّامة
الغامرة وأنت تقر فوقَ تلالَ
اليقين وطنا من مخيلة غامضةَ
تفوق الكلام تصوم الدّهر ولا تلين.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :