في كل موازنة تضع الحكومة مبلغ لا يقل عن 100 مليون دينار للإعفاءات الصحية التي يقررها رئيس الحكومة أو وزير الصحة، أو عن طريق الديوان الملكي.
لكن في كل مرة ايضا يجري تجاوزها..!.
في سنة مثلا تجاوزت فاتورة الإعفاءات الطبية هذه الحدود والتي وصلت 450 مليون دينار وفي سنة اخرى تم إقرار مبلغ 70 مليون دينار من موازنة الدولة للإعفاءات الطبية على ألا تزيد التكلفة عن ذلك ولكن مع نهاية العام بلغت تكلفة الاعفاءات 280 مليون دينار.
يقر جميع أطراف المعادلة بأن الاعفاءات الطبية غير منظمة وقد سعت حكومات إلى تنظيمها لكن بلا جدوى حتى أن بعض رؤساء الوزراء رفع شعار التامين الصحي الشامل وانتهت ولايتهم دون أن ينفذوا شيئا وما كانت إلا فقاعات تخطب شعبوية لا معنى لها.
لا شك أن الاعفاءات الطبية غير منضبطة وهي لا تذهب إلى مستحقيها كما يجب بل أن بعضها أصبح تجارة واسترضاءات لا أكثر وبسطاء الناس لا يستطيعون الوصول إلى الرئيس أو الوزير للحصول على الإعفاء، الا من خلال اصحاب نفوذ فتكون النتيجة أن المنح تذهب لأصحاب النفوذ أو تتقرر تحت ضغط الواسطة.
الأردن ينفق حوالي (8 % إلى 9 %) من الناتج المحلي الإجمالي على القطاع الصحي سنويًا، ويعد هذا المعدل أعلى بكثير من متوسط ما تنفقه كثير من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لكن هذا الانفاق غير منظم ايضا، وقد برزت عيوبه في ازمة وباء كورونا عندما ظهر بوضوح النقص الشديد في عدد الاسرة والمعدات.
بالمقابل غالبية الأردنيين يتمتعون بتغطية جيدة بفضل برامج التأمين المختلفة والإعفاءات الطبية والأسعار المدعومة، وهو ما ينعكس على المستوى المنخفض نسبيًا للنفقات الشخصية المباشرة التي تبلغ حوالي 30.4 % من إجمالي النفقات المدفوعة، نحو 64 % من الأردنيين مؤمن عليهم بأحد أنواع التأمين الصحي على الأقل، و4.7 % منهم يتلقون خدمات الرعاية الصحية المجانية. أما بقية الأردنيين فيحصلون على أسعار مدعومة في منشآت وزارة الصحة (تقدر بـ20 % من التكلفة) أو يحصلون على إعفاءات من جميع رسوم الرعاية الصحية المرتبطة بحالات معينة،
معنى ذلك ان التامين الصحي شامل متحقق تقريبا فما بقي يمكن شموله ببساطة باقل من المبالغ التي تنفق على الاعفاءات والتي لا تذهب الى الشرائح المحتاجة فعليا بل تغطي عمليات لا تغطيها انظمة التامين التقليدية.
إذا لم يكن بد من معالجة حالات خاصة مقنعة فلا أقل من هيئة مسـتقلة ولجنة طبية يتغير أعضاؤها دورياً لفحص المريض والتأكد من حاجته، وتحويل المريض إلى هذا المستشفى أو ذاك حسب حالته.
لماذا لا يكون هناك صندوق تامين صحي له موارده المالية الخاصة به على أن تدعم الموازنة الصندوق حسب الحاجة.
التأمين الصحي له أبعاد اجتماعية وإنسانية يحتاج الى نظرة اشمل.
عندما طرح الضمان الاجتماعي فكرة التامين الصحي للمشتركين اثارت هذه الفكرة دهشة ليس لانها صعبة التحقق واقعيا بل لانها امر جديد قد يهدد اموال الضمان!.
(الراي)