يظن الناس ان بعض التغريدات وال"بوستات" والمقالات والاخبار التي يكتبها زملاء في وسائل الاعلام انها نابعة من مصادر حكومية او نزول وحي مجازًا ، ولقنها للفاعل بغية تضليل النظارة او التمهيد لشأن قادم او سيناريو يجري اعداده .. والحقيقة غير ذلك تمامًا وهي ان الكل يغني على ليلاه بعيدًا عن المعلومات الدقيقة او المشاركة في التفاعل مع صنع وصانع القرار.
قبل ربع قرن من الزمان الاردني كان التوجيه الوطني وتسريب المعلومات ولو مابين السطور ديدن راسم المشهد وكان يقرأ المجتمع واحتياجاته بصورة ادق ولنعترف ايضا ان النهج الديمقراطي كان اوسع مجالا ربما لعدم وجود وسائل تواصل اجتماعي وربيع وذباب ومخاطر ومعارضة شرسة والتفاف جماهيري واسع منقسم بين مؤيد ومعارض وصامت.
اليوم نحن امام جبل من الشائعات والتضليل وسيل من القيل والقال لكننا ايضا امام جفاف من المعلومات الدقيقة التي يمتلكها عدد محدود من اولي الامر الذين يمثلون جيل الجبن والخشية على المواقع وهي واحدة من اسباب قلة التسريب والثقة بالمجتمع وحماية الكرسي.
هناك دول في المحيط العربي تجيد اللعبة الاعلامية ولديها خبرة واسعة في فن مخاطبة الجمهور وتوجيهه نحو هدف ، واستطاعت بحكمة ان تلعب بمشاعر الناس وتهدئة او دغدغة او الهاب افكارهم وفق معطيات علمية دقيقة .
نحن لا نجيد ذلك وان كان شبابنا هم من يصيغون للاخر سياساته وطرق معالجاته للازمات .. ونحن نملك مركز لادارة الازمات يظهر في الشتاء للتحذير من الاقتراب من السيول والاودية ولا نعلم ان كان اختفاؤه في بعض صلب عمله متطلب اجباري لا يملك الموظفون التصرف به والبقاء على حالة "سّكن تسلم" ام غير ذلك.
لماذا هذا الجفاء الحكومي في توريد المعلومات وترك خبراء الاعلام من المشاركة في صياغة المشهد ومساعدة النظام في كشف حقيقة براءته مما ينسب اليه من تهم باطلة مردها ومصدرها ثلة من الغاضبين ولا نقل المأجورين الذين يحتلون مساحات من الفضاء الالكتروني ويملأوون الارض ضجيجًا بشائعات وتحليلات هوائية تطرب الجاهلين وتنعكس بعد ساعات على الشارع الذي تركته الدولة فارغًا وسمحت لاشخاص متحمسين يصيغون الرد بطريقة مؤسفة كتلك اللافتة المبكية المنصوبة امام اهم محيط بالمنطقة الغربية (شارع الشعب ومجمع الاعمال) وتقول "خرجت الفئران من جحورها .." وهي بالمناسبة تذكرنا بخطابات منتصف القرن الفائت المباحة وقتذاك.
خلاصة القول ان السبل تتقطع بين اولي الراي والتواصل وخبراء القياس وتوجيه المواطنين ومن يملك المعلومات ويخزنها لوقت لا ينفع فيه الحزَن..
samhayari@gmail.com
*ناشر ورئيس تحرير عمون .