عنوان مقالتي هو اسم كتاب للمفكر العراقي محمد باقر الصدر صاحب كتاب "فلسفتنا" وكتاب " البنك اللاربوي في الاسلام " وكتاب " الأسس المنطقية للاستقراء" .
استطاع هذا الرجل أن ينتزع اعجاب بعض الشيوعيين المغاربة عام ١٩٧٣م حيث قال لي أحدهم : رغم شيوعيتي الا أنني معجب بعقل وطرح محمد باقر الصدر في كتابه " اقتصادنا " .
استعرض الصدر في كتابه النظامين الاقتصاديين المعروفين "الرأسمالي والاشتراكي" والاشتراكي بشقيه : الشيوعي المانع للتملك والاشتراكي الذي يسمح بالتملك البسيط . ما يهمني بالطبع أن الاقتصاد الإسلامي ليس رأسماليا" ولا اشتراكيا" رغم خطأ بعضهم سواء من ظنه رأسماليا" أو من ظنه اشتراكيا" .
بل هو اقتصاد آخر وهو ما أكد عليه الصدر وهو ما ندعو إليه، فلسنا داعين بانسحاب الدولة من النشاط الاقتصادي بالمطلق لحساب القطاع الخاص ، ولا تدخلها فيه على حساب القطاع الخاص .
ان ما نريده أن تكون الدولة هي المشرفة والمراقبة بحيث تمنع تغول القطاع الخاص على المستهلك . وان تكون استراتيجيات الاقتصاد في يدها ، فهي المسؤولة عن البطالة والفقر ومكافحة الفساد ، هي المسؤولة عن عدالة الرواتب ، هي المسؤولة عن استقرار سعر الصرف ، هي المسؤولة عن التوازن بين الدخل والضريبة .
هي المسؤولة عن الاحتكار والغش والتهريب والاستغلال والجشع . هي المسؤولة عن تآكل الرواتب ، وهي المسؤولة عن الذين يثرون عبر كراسيهم ، وهي المسؤولة عن العيش الكريم الذي يجب توفيره بعزة وليس عبر الجمعيات والاطعام والمعونات رغم انه باب مستمر في كل المجتمعات لكنني أتحدث عن مهام الدولة وليس نافلة العمل الاسعافي والاغاثي .
لا يفتقر فقير إلا بغنى غني ، ولا يغنى الغني إلا بوجود مستهلك قادر . ولا قوة اقتصادية لدولة إلا بوجود شعب قادر بعيد عن الأنين والوجع . وهذه الصفات والسياسات كلها مما نادى به الاسلام في نصوصه المقدسة ومنها ايات : " كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم " " وقل اعملوا" " فاسعوا في مناكبها" " وعلمناه صناعة لبوس" .... وأحاديث : " ان الله يحب العبد المحترف" " التاجر الصدوق يحشر مع النبيين" " لئن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب ويبيع خير له من أن يسأل الناس" وكان من الأنبياء الراعي والنجار والحداد والخياط.