يوسف العيسوي .. الرقم الصعب
د. هناء علي البواب
07-01-2023 03:46 PM
ولأن الأرقام الصعبة وحدها تكون المميزة والمختلفة، ولأن الشخص المتمكّن المميز في مكانه وإدارته وكينونته هو الذي يستحق أن يطلق عليه هذا اللقب (الرقم الصعب)، فإنّ يوسف العيسوي الرقم الأصعب حاليا.
جاءت كتابتي عنه متأخرة جدا، وهذا كان متعمّدا جدا، لأني حين أكتب عنه سيُنْسب كلّ ما كتبته تحت باب (القرابة)، ولأن هذا الرجل هو خالي فأنا أعتقد تماما أنّه خال للكثير من الأردنيات اللواتي لجأن ووجدنه بجانبهن دوما.
مرّت عليه أيام عصيبة وصعبة كان يصارع فيها المرض، وكان من المفترض أن يلتحف سريرا أبيض، لكنه كان يلتحف ملفات وأوراق رسمية، لم يتوانَ لحظة ولم يتأخر عن الاستيقاظ باكرا جدا وهو متمسّك بجهاز التنفس الذي يبحث من خلاله عن التقاط هواء كاد أن يُحجب عنه، مارس حياته في تلك الأيام وكأنه على مكتبه تماما، لم يغلق باب غرفته عن استقبال المعاملات، والأوراق، ومتابعتها، وذلك حتى لا يشعر بأنه مقصّر أمام ربه في عمله.
يوسف العيسوي الرجل الذي عاش في كنف القصر الهاشمي أطول فترة لموظف كان يمكن أن يواصل مسيرة عمله، يوسف العيسوي الرقم الصعب في وفائه، وإخلاصه، وتفانيه في العمل.
لا أظنّ بيتا من بيوت الأردنيين لا يعرف هذا الاسم، بل أهالي المناطق النائية التقوا به أكثر من لقاءاته مع أصدقائه.
العيسوي لا وقت لديه لحياته الخاصة، بل لا حياة خاصة يمارسها بشكل طبيعي هذا الرجل.
هو رجل حكيم صادق وفيّ، وكم نحتاج في زماننا للفرسان الحقيقيين، يوسف العيسوي تجتمع فيه نقائض الصفات، فهو الأب الطيب الذي تراه فجأة في قمة ثورته وعصبيته، الرجل الهادئ جدا والذي ينقلب فجأة هدوؤه إلى ثورة حقيقية...
ليس صعبا أن تتعرف إليه وتتحدث معه، ولكن من الصعب جدا أن تعتقد أنك ملكت معرفته حقيقة.
وتلك صفات الرقم الصعب، لأنّ المعادلة (1+1 =2) دون تكلف، أما في مفهوم الأرقام الصعبة فذات المعادلة لن تكون نتيجتها كذلك، حيث تقبل التأويل والتخمين، ويبقى رقمها دوما بعيدا عن التناول.