لكل دولة وحضارة تاريخ سياسي مرت به ، تعاقبه الاجيال جيلا بعد جيل من خلال السرد او من خلال الحكاية او من خلال المؤلفات المختلفة وفي العصر الحديث أخذ شكلاً متطوراً في بعض الحضارات والدول ، فاصبح يوثق من خلال الدراما بمختلف اشكالها ان كانت مسلسلات او افلام وايضا من خلال التعليم المدرسي والجامعي .

ومع التطور التكنولوجي وتعدد مصادر المعلومات وتنوعها اصبح هناك العديد من التزوير للاحداث التاريخية، وذلك ليس مختصرا على دول أو حضارات بعينها، ومن هذا المنطلق فنجد بان الدول التي لم تُحصن رعاياها بزرع ثقافتها الاصيلة وغرس قيمها النبيلة فيها فانها ستكون رهينه للغزو الثقافي الخارجي وزرع ثقافات متعددة ولربما تخالف الثقافة المجتمعية السائدة فيها ، وايضا الدول التي لم تقوم بترسيخ وتثبيت تاريخها السياسي وتوريثه للاجيال فانه سيكون رهينه التشوه والتشكيك الدائم .

الاردن الهاشمية لم تكن بدون تاريخ سياسي عروبي، فهناك وخاصة جزء كبير من جيل الشباب لا يدركون القيمة التاريخية لدولتهم ولا يعلمون التاريخ السياسي الاصيل للدولة وكيف ولماذا دارت بعض الاحداث السياسية فيها، يكاد يكون مجموعة كبيرة من الشباب وجزء لايستهان به من المجتمع ليسوا على دراية به .

المجتمع الاردني الفتي بجزء كبير منه يفكرون وكان الاردن ولدت قبل خمس عشر عاماً أي بمعنى من عُقب ما سمي بالربيع العربي، لا يعلمون العقود القديمة وكيف صمدت الدولة الاردنية في كل العواصف والمؤامرات التي أعدت لها وعليها خاصة من الزعماء الذين راهنوا على استمرار الدولة الاردنية الهاشمية ووصفهم لها بانها دولة وظيفية، ومع ذلك اثبتت الاردن بانه دولة ذات جذور راسخة وبنيان صلب وانها تمضي بمئويتها الثانية نحو تعزيز مكانتها الاقيلمية والعالمية، لكن لابد هنا ان تُعيد الدولة ثقة المجتمع بمؤسسات الدولة من خلال العديد من الاجراءات ابتداءً من تطوير الخطاب الاعلامي ومروراً بالنمو الاقتصادي وانتهاءً بالتمكين السياسي وتعزيز الثقافة الديمقراطية والعمل على اعادة النظر بالمنتج الثقافي التاريخي للدولة الاردنية .

إن التاريخ السياسي الاردني من أرقى الإرث السياسي الذي خلفته دول المنطقة، وهو ذات عِبر كبيرة ومفيدة للمضي قدماً في مسيرة تحديث المنظومة السياسية الاردنية واردنتها ضمن ايدولوجية اردنية مبنية على البرامج الاقتصادية التي ترشق القطاع العام وتعزز من البنية التحتية للقطاع الخاص بكافة جوانبها وخاصة التشريعية منها ، تقود فيه السياسة كافة جوانب الدولة وخاصة الاقتصاد وليس العكس .

لابد على المؤسسات الرسمية والاهلية ان تتبنى برامج متعددة لتثقيف الشباب بتاريخ الاردن السياسي وابرز المحطات السياسية التي مرت بها الدولة، فهذه البرامج ستكون جزء رئيسي في تعزيز الثقة مابين مؤسسات الدولة المختلفة والمجتمع الاردني، وتكون هذه المحطات محطات عز وفخز للمجتمع الاردني وارثاً يتناقل من جيل الى جيل، ومرجعاً للمجتمع ودروس يستفاد بها في كيفية ادارة الدولة .