ضعف في الجنيه المصري أم قوة لـ الدولار؟
عوني الداوود
07-01-2023 12:39 AM
ما يحدث للاقتصاد المصري عموما يعنينا في الأردن، و تحديدا سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار، وذلك لعدة أسباب منها :
وجود استثمارات أردنية على الأراضي المصرية ولأسباب تختلف من مستثمرلآخر، بالتأكيد سوف تتأثر بسعر صرف الجنيه مقابل الدولار من حيث ما آلت اليه قيمة الموجودات أو الاستثمارات بعد هذا الهبوط الحاد في قيمة الجنيه، والمتوقع أن يستمرطوال 2023 .اضافة لتأثير ذلك على حوالات مئات الآلاف من العاملين المصريين الأشقاء في الأردن، كما سيؤثر فرق سعر العملة على قطاعات أخرى، مثل السياحة الأردنية لمصر، والتبادلات التجارية (الاستيراد والتصدير)بين البلدين ..الخ.
ولكن حتى نقدّر حجم تأثير الهبوط الحاد للجنيه المصري مقابل الدولار (حوالي 27 جنيه مقابل الدولار رسميا وأكثر من 38 في السوق السوداء/ حتى يوم أمس) علينا أولا أن نفهم ما حدث ويحدث في مصر بما يتعلق بسعر صرف الجنيه، وانعكاس ذلك على الاقتصاد المصري..وللاجابة على كل ذلك لا بد من توضيح ما يلي:
1 - بالعودة الى نوفمبر/ تشرين الثاني 2016 وفي أعقاب قرار «التعويم» آنذاك، وصل الدولار إلى نحو 20 جنيها قبل أن يستعيد البنك المركزي المصري زمام السيطرة ويدعم الجنيه، ووصل به إلى حدود 16 جنيها لكل دولار مطلع عام 2020.
2 - في العام 2020 ومع جائحة كورونا زادت الضغوط على الجنيه بسبب تفشي الجائحة، لتزداد الضغوط أكثر وأكثر مع بدء الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير/شباط 2022، خصوصا مع ما يعرف بـ (هروب الأموال الساخنة) من الأسواق الناشئة - والتي تتراوح بين40 - 60 مليار دولار- اضافة لزيادة الطلب على الدولار، وارتفاع كلف الاستيراد مع تداعيات الحرب في اوكرانيا( خصوصا لشراء المواد الاساسية وفي مقدمتها القمح)، ومع التراجع الحاد للاحتياطيات الاجنبية في البنك المركزي المصري.
3 - في اكتوبر الماضي 2021 قرّر المركزي المصري تعويم الجنيه للمرة الثانية خلال عام بعد زيادة أسعار الفائدة الرئيسية 200 نقطة أساس، ليعاد مشهد التعويم في 21 مارس 2022، وذلك عندما رفع المركزي المصري بشكل مفاجئ أسعار الفائدة 100 نقطة أساس، وبعدها بساعات حدث تعويم للعملة.
4 - الحكومة المصرية تسعى ومنذ وقت طويل الى اتفاق مع «صندوق النقد الدولي» وهي تنتظر موافقته على طلبها من أجل إتمام اتفاق التسهيل الممدد ومدته أربع سنوات وبقيمة
(3) مليارات دولار، حيث يصر «النقد الدولي» على مزيد من المرونة بسعر صرف الجنيه - سعر صرف مرن وليس تعويما كاملا - ورفع السعر إلى 28 أو 30 جنيها كحد أقصى.
5 - الحكومة المصرية تسعى من خلال اتفاقها مع «النقد الدولي» للحصول منه على» شهادة ثقة «تمكنها من الاقتراض ( 3 مليارات من الصندوق ومليار من صندوق التنمية و5 مليارات من مؤسسات اخرى) لاعادة توفير «سيولة العملة الصعبة» من جديد، والمضي قدما بجلب استثمارات، واعادة «الاموال الساخنة «التي خرجت مؤخرا.
6 - آخر التطورات حدثت منذ «يومين» تمثلت بطرح كل من البنك الأهلي وبنك مصر لشهادات ادخار بأعلى فائدة في تاريخ مصر تصل الى 25 % تصرف نهاية السنة أو بعائد (22.5 % شهريا )، وذلك بهدف احتواء السيولة في الاسواق، ومحاولة اعادة « الاموال الساخنة «التي خرجت في غالبيتها بحثا عن الفوائد المرتفعة في الخارج بعد استمرار «الفيدرالي الامريكي» برفع الفوائد لمواجهة التضخم، ومن شأن الفائدة المرتفعة (25 %)اعادة جزء كبير من»الاموال الساخنة « بحثا عن» العائد الأعلى».
*باختصار: مصر..ورغم تداعيات مثل هذه القرارات على اقتصادات (الدولة -السوق - والمواطن)- الاكثر تضررا حيث ترتفع اسعار كل شيء الا راتبه، فانها (مصر) قادرة على تجاوز المرحلة - حتى لو استمرت لبضع سنوات- وسوف تحصل في نهاية المطاف على دعم «النقد الدولي»، ودعم دول شقيقة وصديقة، ولكن»المشهد» يستوجب منا أمران:
1 - نحمد الله على أننا في الأردن وبما اتخذ من اجراءات وقرارات، حافظنا على استقرار الدينار، وضبط ارتفاع الاسعار والتضخم الذي لم يتجاوز(5 %).
2 - القراءة المعمقة للاستفادة من(المشكلة / والحل) لأن أوضاع الاقتصاد الاقليمي والعالمي مع استمرار الحرب في اوكرانيا وتداعياتها على الاقتصادات من تضخم وارتفاع اسعار لعدم توفر السلع وتعطل سلاسل التوريد والفقر والبطالة..وغيرها من الاسباب تستوجب من الجميع مزيدا من: (اليقظة - والحذر- والتحوط - وايجاد حلول متعددة البدائل).
(الدستور)