لا شك أن حكم الشعوب فن ، وكما الفنون متنوعة فإن طرائق الحكم متنوعة في التاريخ والواقع البشري. والذي يهمني هو " الحكم العادل" كي يكون المثال قائما" لمن شاء الاقتداء في شتى المجالات :

_ ففي المجال السياسي يكون الحاكم في الحكم العادل واحدا" من الناس لا يتأله عليهم ولا يتعجرف ولا يتجبر ، اذا جاعوا فهو أول من يجوع ، واذا شبعوا فهو آخر من يشبع. ولأنه عادل فإنه يقرب الأمناء الخبراء ولا يمكن المتزلفين ولا المنافقين، ولأنه عادل فهو يبحث عن الصواب ولهذا فله أذنان يسمع بهما لكل الناس سواء كانوا أفرادا" أو هيئات وجماعات.

وحتى يكون الصف الداخلي قويا" فإنه يتيح المجال للحوار ولا يضرب أناسا" بآخرين لأنهم في نظره كلهم أبناؤه. ولا شك أن الدين من أهم العوامل التي تساهم في جمع الناس وعلاج مشكلاتهم فالدين حاضر في الحكم العادل وليس دين مناسبات بل دين حياة يومية في شتى المجالات ، والمختصون فيه علماء موقرون لا موظفين مأمورين ، والمساجد بيوت الله منارات للمجتمع لها دور في الانصهار الاجتماعي ومساهماتها بارزة في اقتصاد الأفراد والأسواق ومحاربة الغش والفساد . ان الحكم العادل يرفع معنويات الناس ولا يحبطهم لانهم موارد بشرية وطاقة يجب تفعيلها.

الحكم العادل يستقطب الناس ولا يكايدهم ولا يغتال شخصياتهم ولا يشوه من يحمل رأيا" مخالفا" ، ولا يفصل التهم ولا يمثل على الناس بل شعاره الصدق مع الناس ليلتفوا حوله، ولهذا فلا يلقي عليهم الخطب الرنانة المليئة بالكذب والوعود التي لا تتحقق. الحكم العادل يجب أن يكون ذا هيبة لكن ذلك لا يعني الإذلال لمن يعمل معه أو من يراقبه.

إنه حكم لا يستغني عن رأي ممثلي الشعب الحقيقيين ولهذا لا يقبل أن يكون البرلمان ديكورا" بل برلمان يمثل الناس ولا يمثل عليهم بل برلمان يفرض على الدولة من يقود حكومتها لان حكومات الديكور والموظفين تسيئ وتضر ولا تنفع . انه حكم يعمل على تفعيل مؤسسات المجتمع المدني ولا يسعى لاختراقها وتطويعها وتقزيمها لان العادل يبحث عن الحكمة والصواب من أية جهة كانت .فإذا وفر عوامل القوة الداخلية فإنه بلا شك سيقيم علاقات دولية تقوم على العزة والألفة والمصلحة وليس وفق سياسة التبعية.

وللحديث بقية تأتي..