وحدة مطلوبة عقب اقتحام بن غفير لساحات الأقصى
عزت حامد
04-01-2023 12:25 PM
ساعات ثقيلة وهادئة تمر على الأقصى هذه الأوقات بعدما أقدم وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي بن غفير على اقتحام المسجد الأقصى ، رغم التحذيرات من هذه الخطوة الاستفزازية وتأثيرها السلبي على المشاعر الفلسطينية، وكان من الواضح إن هذه الزيارة تزامنت معها خطوة دقيقة وهامة، حيث تم إطلاق صاروخ من غزة تجاه إسرائيل ، وهو الصاروخ الذي سقط في حدود القطاع ، بحسب وسائل الإعلام الغربية.
وبتحليل مضمون بعض من القراءات الصحفية عن هذه الحادثة سنجد إنها أشارت إلى إنه وفي إطار عودة الحكم لنتنياهو وبن غفير، لم يرد الجيش الإسرائيلي الليلة على إطلاق الصاروخ من قطاع غزة ، وبمعنى آخر، تعود حكومة نتنياهو إلى سياسة الاحتواء ... هذا هو الوقت المناسب للتذكير بأن حكومة بينيت-لابيد اتبعت سياسة الرد على كل بالون أو إطلاق صاروخ، حتى لو لم يعبر الصاروخ السياج".
اللافت ان كل هذا يأتي عقب اجتماع مختلف الفصائل الفلسطينية بعد زيارة بن غفير لتخرج ببيان واحد ينتقد فيه هذه الخطوة ، بل وتؤكد أيضا إن أي زيارة مقبلة لبن غفير سيكون لها ثمنا باهظا ، بيان تزامن أيضا مع بيانات حركات المقاومة جميعها وعلى رأسها حركة حماس ، حيث أصدر الناطق باسم الحركة عبد اللطيف القانوع بيانا قال فيه :"إن إعلان بن غفير المجرم عن نيته اقتحام المسجد الأقصى يعبر عن غطرسة الحكومة الاستيطانية الفاشية ونواياها بمزيد من الغارات على الأقصى وتقسيمه، وستتحمل حكومة الاحتلال الصهيوني تبعاتها وعلى شعبنا مواجهة هذه الاعمال الغبية والاستفزازية بشجاعة وعدم السماح بمرور خطط الاحتلال ".، وهو موقف رافض للزيارة تشاركت فيه مختلف الفصائل الفلسطينية بكافة توجهاتها المتعددة.
ما الذي يجري ؟.
بات من الواضح أن زيارة بن غفير يمكن أن تكون عاملا للوحدة بين مختلف الفصائل ، خاصة وأن وضعنا في الاعتبار بعض من النقاط الهامة ، أبرزها :
1- أن الشعب الفلسطيني بات ينظر للوحدة الآن بترقب أكثر من أي وقت مضى في ظل الحكومة الإسرائيلية الحالية.
2- هناك مشاعر شبابية فلسطينية لمستها من الأصدقاء وأولاد العم الفلسطينيين جميعها تحبذ وتدعو للوحدة اليوم قبل الغد ، والآن أكثر من أي وقت مضى .
3- يعلم الجميع إن سياسات حكومة نتنياهو لها كثير من التداعيات الاستفزازية ليس فقط على الساحة الفلسطينية ، ولكن أيضا على الساحة الإقليمية بصورة عامة ، وهو ما يزيد من وجاهة المطالب بالوحدة والتخلي عن أي خلافات.
4- هددت حركة حماس بانها ستشعل الأرض وترد على إسرائيل ، لكنها وعقب اقتحام بن غفير ردت ببراغماتية واضحة وهدوء دون أي تصعيد.
والحاصل فإن بيان الفصائل الأخير بصورة عامة وبيان حركة حماس الأخير كان واضحا واتسم بالمعقولية إلى حد كبير ، خاصة في ظل التطورات الجيوسياسية التي تعيشها المنطقة الآن .
والحاصل فإن حركة حماس كان لها موقفا سياسيا واضحا يتمثل في انها سترد على هذه الزيارة، غير أن الحسابات الإقليمية والسياسية بالتأكيد سيكون لها اعتبار للحركة ، خاصة وأن الحركة تعرف أن أي تصعيد عسكري او استراتيجي سيكون له ثمنا استراتيجيا يتطلب اشراك بعض من الأطراف العربية به ، بداية من مصر وقطر وحتى الإمارات التي تعرف حدود تداعيات هذا التصعيد رغم الحركة الصبيانية بزيارة الأقصى من بن غفير .
الحاصل فإن تكتيك تعامل المقاومة مع هذه الخطوة حمل برغماتية واضحة وتعاطي بذكاء سياسي واضح حيث هدفت إلى التوضيح بأن:
أ- اقتحام بن غفير للأقصى يمثل تصعيدا خطيرا واستفزازا لشعبنا الفلسطيني وينذر بحرب دينية بالمنطقة.
ب- دعوة الفصائل لأبناء الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية لتصعيد الاشتباك والمواجهة مع الاحتلال الصهيوني دفاعا عن الأقصى.
ج- دعوة السلطة الفلسطينية لوقف التنسيق الأمني مع الاحتلال.
والواضح فإن المقاومة تعاملت بذكاء مع هذه الأزمة ، خاصة وإنها تعرف أن الاستفزازات الإسرائيلية لحكومة نتنياهو لن تتوقف ، وستتواصل خاصة وإنها تمتلك اجندات سياسية تسعى إلى استفزاز الفلسطينيين لكسب تأييد الشارع الإسرائيلي اليميني بقوة هذه الأيام.
بالإضافة إلى ذلك تعرف المقاومة أن الأوضاع السياسية والاقتصادية بالضفة الغربية صعبة للغاية ، الأمر الذي يزيد من دقة هذه الأزمة ويدفع حماس إلى التفكير قبل الخروج بأي جولة عسكرية مقبلة ضد إسرائيل .
تقدير استراتيجي..
عموما ومع هذه التطورات فإن هناك استنتاجا استراتيجيا واضحا وهي أن وقت اشتداد الأزمات والجدال يدفعنا إلى ضرورة التفات جميع الفصائل إلى حقيقة واحدة وهي أن الوحدة باتت مطلوبة الآن أكثر من أي وقت مضى.
والأهم من هذا إن حركة حماس أو أي فصيل آخر في حاجة إلى إدراك حقيقة مهمة ودقيقة وهي أن هناك حكومة ، ودوله فلسطينية ، ورئيس ، ورئيس للمخابرات ، ومؤسسات ، جميعها لها تقديرات استراتيجية تصب في صالح الوطن ، ومن الممكن الاختلاف في السياسات أو حتى القرارات ، لكن هناك مصلحة عليا للوطن يجب للجميع أن يرتهن بها ، خاصة وأن الكثير من التقديرات الاستراتيجية تشير إلى القادم يمكن زن يكون دقيقا وهناك توقعات بمزيد من التصعيد خلال الفترة المقبلة.