التقديرات تقول ان سبعين مليوناً من الدنانير انفقها المرشحون على حملاتهم الانتخابية ، والرقم غير دقيق ، لانه يؤشر على فترة الاسابيع الماضية فقط.
هناك من انفق مبالغ هائلة على مدى السنوات الماضية ، تمهيداً لهذه المرحلة ، سواء من النواب السابقين ، او الطامعين بالنيابة ، واذا تمت حسبة الانتخابات بهذه الطريقة فان المبالغ تصل الى ارقام فلكية جداً.
في مدينة ما وفي اوقات المساء ، مررت من شارعها الرئيسي واذ بالمقرات الانتخابية المتجاورة تحشد الالاف ، وكل مقر يقدم طعام العشاء ، والالاف يقفون لتناول المناسف ، ولا تعرف ما هي علاقة المناسف بالتصويت ، او عمق دلالتها بشأن كرم المرشح وحنوه.
من الطبيعي بعد انفاق هذه المبالغ على شكل مساعدات نقدية ، او عبر شراء الاصوات ، او مآدب الطعام ، ان يدير النائب ظهره للناس بعد ان يصل الى مجلس النواب ، لانه دفع كلفة التصويت ، سواء خلال هذه الفترة او على مدى سنوات.
قلة من النواب تبقى ملتزمة تجاه الناس ، واغلب النواب للاسف الشديد ، يعتبرون ان الناخبين اجراء حصلوا على ثمنهم ، خلال الحملات الانتخابية او ما قبل ذلك ، والناخب الذي يقبل هكذا معادلة عليه ان لا يلوم النائب الذي ينقلب عليه لاحقاً.
اياً كان الذي سيفوز او سيفشل ، فان ما هو مهم امر واحد فقط ، هو عدم حدوث عنف يوم الاقتراع ، على يد المرشحين وانصارهم ، او بعد الفرز ، لان العنف سيعبر عن مدى ضحالة كثيرين ، وسيعبر ايضاً عن اكاذيب هذا المرشح او ذاك ، في شعاراته.
فورات الغضب مؤكدة لان الانفاق المالي عنصر بارز في الموضوع ، فمن انفق مبالغ مالية كبيرة ، او باع ارضه ، او توسل الناس واصواتهم ، فلن يحتمل الخسارة وسينتقم من الجميع ، والذي فاز سيجد من يسعى الى افساد فوزه.
من المعيب ان تحدث اي مواجهات ، والنائب بحاجة الى سنين حتى يسترد سمعته الاساسية ، غير ان سمعة كثيرين سوف تنكشف يوم الثلاثاء وما يليه من ايام ، اذا مارس سلوكاً معيباً يمس الاستقرار العام ، واذا اخرج سلاحه واطلق النار غاضبا ، او محتفلا.
نضع ايدينا على قلوبنا ، من نفر يخطط ليوم عصيب ، وهؤلاء تحديداً ، يريدون احياء يوم التاسع من تشرين الثاني على طريقتهم ، بحيث يكونون انصاراً للزرقاوي ، قبل ان يكونوا انصاراً لاستقرار البلد ومن فيه.
الذي لن ينجح عليه ان يتذكر ان احداً لم يجبره على الترشح ، ولا على دفع كلفة الترشح ، فان لم يفز ، عليه ان يحمل يافطاته وصوره وشعاراته ويعود الى بيته ويأخذ حماماً ساخناً ، ويلوذ بالعبر من تجربته.
البلد ليس من "ارث الوالد" لهذا المرشح او ذاك ، وعلى هذا ليس من حق من سيفشل حرقه او هزه بردود فعل صبيانية ، فيما "ارث الوالد" الحقيقي من مال وعقار وعلاقات ، فقد تم انفاقه وتبديده من اجل شراء الوجاهة عبر موقع نيابي ، بقرار ذاتي وشخصي.
الاردن قبلهم جميعاً ، وبعدهم جميعاً ، اليس كذلك؟.
mtair@addustour.com.jo
(الدستور)