الأردن لديها المقومات والفرص اللازمة لتنفيذ مشروعات هيدروجين عملاقة، كونها تملك بنية تحتية لمصادر الطاقة المتجددة وامكانية تطويرها، بالإضافة للموقع الجغرافي المتميز الذي يمكن الأردن من تصدير الهيدروجين، ولذلك يتطلب وضع استراتيجية واضحة تمكن الأردن فنيا وتشريعيا من تطوير وانتاج الهيدروجين الأخضر، وفي النظرة لتمويل مشروعات الطاقة المتجددة أو الهيدروجين، فهي تعتمد على الاستثمارات الخاصة، وما يُعرف بالمنتجين المستقلين للطاقة، كما تؤدي البنوك دورا مهما في هذا التمويل، خاصة البنوك الخضراء التي تشجع هذه الاستثمارات.
بلغ عدد الدول التي بدأت تعمل على إعداد خطط أو أعلنت إستراتيجيات وطنية للهيدروجين (الأخضر أو الأزرق) إلى 42 دولة، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي بنهاية الربع الثالث من 2022، وفق أحدث التقارير الصادرة عن منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول “أوابك”، ويعني هذا أن التجارة الدولية للهيدروجين ستكون عنصرًا مهمًا في دعم تحول الطاقة.
التحول نحو اعتماد الهيدروجين كمصدر للطاقة في المستقبل العالمي وإنشاء سلسلة قيمة له ذات مرونة عالية وسهلة التشغيل، ما يزال يواجه عدة تحديات فنية واقتصادية من أبرزها تخزين الهيدروجين، بسبب انخفاض قيمة كثافة الطاقة له.، فمحتوى الطاقة القليل للهيدروجين مقارنة بالغاز الطبيعي الذي يقدر بثلث قيمته، وهو ما يعني في العموم أننا نحتاج إلى 3 أضعاف كمية مماثلة من الهيدروجين للحصول على الطاقة نفسها التي يمكن أن نحصل عليها من الغاز الطبيعي.
والجدير بالذكر هنا أن العديد من الشركات ومعاهد الأبحاث أجرت بالفعل العديد من الدراسات لتحديد السعر المناسب للهيدروجين الذي يجعله منافسًا للغاز الطبيعي، وأفضت هذه الدراسات مجتمعة إلى أن هذا السعر هو في حدود 1.5 إلى 2 دولار لكل كيلوغرام من الهيدروجين، وأصبح الوصول لهذا المستوى من الأسعار الهدف الرئيس لهذه الصناعة؛ لعلمنا أنها سوف تكون الخطوة التي تُدخل الهيدروجين المنافسة التجارية الحقيقية مصدرًا للطاقة، إضافة لاحتياجنا له في محاربة التغيرات المناخية.
بالتزامن مع أزمة الطاقة العالمية التي اشتدت حدتها خلال 2022، يزداد التوجه العالمي نحو تنفيذ مشروعات الهيدروجين بصفته أحد حلول الطاقة البديلة والمتجددة في مواجهة الانبعاثات الكربونية الضارة بالبيئة وأزمة الطاقة معًا. وتلقى الهيدروجين دعمًا إضافيًا من جانب الاتحاد الأوروبي هذا العام مع تفاقم أزمة الطاقة، وكان عنصرا رئيسا في خطة ريباور إي يو(REPowerEU)، التي تهدف إلى زيادة حصة الطاقة المتجددة إلى 45 % بحلول عام 2030، مع رغبة الكتلة في تقليل الاعتماد على واردات الطاقة الروسية.
حيث خصّصت المفوضية الأوروبية 41 مليار يورو (44 مليار دولار)، للتحول من الوقود الأحفوري إلى البدائل النظيفة، بما في ذلك الهيدروجين منخفض الكربون، بالإضافة إلى ذلك، 27 مليار يورو (29 مليار دولار) لنشر البنية التحتية الرئيسة للهيدروجين. كذلك دفعت الأزمة الأوكرانية إلى إقرار الولايات المتحدة قانون خفض التضخم، الذي يقدم حوافز جديدة لإنتاج الهيدروجين منخفض الكربون، من خلال منح ائتمان ضريبة الإنتاج (PTC) للهيدروجين النظيف لمدة 10 سنوات يصل إلى 3 دولارات لكل كيلوغرام للهيدروجين، بدءًا من تاريخ تشغيل المنشأة.
وشهد عام 2022 تسابقًا عربيًا نحو جذب شركات عالمية لتنفيذ مشروعات الهيدروجين والأمونيا الخضراء على أراضيها، بهدف التحول إلى مركز إقليمي في تجارة الهيدروجين، مع وضع إستراتيجيات نحو التوسع في ذلك المجال بصفته وقود المستقبل. وبحسب منظمة “أوابك”، ارتفع عدد مشروعات الدول العربية لإنتاج واستعمال الهيدروجين إلى 61 مشروعًا، معظمها تستهدف إنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء عبر 45 مشروعًا. بينما خُصص نحو 11 مشروعًا لإنتاج الهيدروجين الأزرق والأمونيا الزرقاء، و5 مشروعات لتطبيقات الهيدروجين في مجال النقل البري والبحري والجوي.
وتتوقع وكالة الطاقة الدولية ارتفاع إنتاج الهيدروجين منخفض الكربون إلى أكثر من 24 مليون طن بحلول 2030، مقارنة مع أقلّ من مليون طن عام 2021. وعلى صعيد الطلب، من المتوقع أن يصل إلى 115-130 مليونا طن بحلول 2030 لتحقيق سيناريو تنفيذ التعهدات المناخية المعلنة، مع استحواذ قطاعات الاستهلاك الجديدة مثل توليد الكهرباء والنقل على 25 %.
الغد