يقوم القائمون على التعليم في هذه الآونة على وضع خطط ترسمها الوزارة ولجان تربوية وبعض الهيئات المستقلة من داخل وخارج المملكة، وتحتوي هذه الخطط مقاربات حديثة تتماشى وحجم التطور الذي يحصل في العالم، وتغذ المنظمات الدولية الخطى لتغطية بعض البرامج التي يتنادى إليها العاملون في وزارة التربية والتعليم والمختصون والكتاب، وهذا وجوبا والبشرية تسير في ركب تغيير الواقع التعليمي ونحن على أبواب الثورة الرقمية الخامسة التي تستعدي الحالات التقليدية وأدواتها، فالطلبة جيل يخرج من رحم الثورة الرقمية، ويحتاج إلى طرق جديدة في التعليم تمكن من التقنيات والتفكير وأدواته وتوظيف المعرفة بدلا من تخزينها، بل واستبدال بعض المناهج التعليمية أو جزء منها، ووضع مناهج من شأنها خلق الاهتمام والرغبة عند الطالب ومنحه هبة التساؤل، والتركيز على مهارات التفكير الإبداعي والناقد والتفكير الفلسفي الخلاق، وتقديم منهج تفكيري يقيم توازن رائع في العلاقات بين المعلم والمتعلم، ويقلل الفجوة المتسعة في تراتبية العلاقة بينهما ويخلق بيئة تنشط التعليم والتعلم كجزء لا يتجزأ من التجربة الإنسانية المستمرة.
ويكون دور المختصين في هذا السياق جمع التغذية الراجعة من الميدان والمجتمع لتقديم حلول بديلة للواقع والتحديات، ويعد الدور المسؤول والأهم في هذه المرحلة مرحلة تجويد العملية التعليمية؛ هو عمل المركز الوطني للمناهج الذي يتوجب عليه إعادة إنتاج المناهج التي تركز على تعليم مهارات التفكير المنتج والإبداعي والفلسفي التي تعتمد التقنيات والتكنولوجيا وتطلق طاقات الجيل من أجل التنمية وإحداث التغيير في مخرجات التعليم العام، وعليه إنتاج المادة التقويمية المناسبة.
ومما يحفز طموح الجيل وينشط الأمل في التغيير باتجاه تحقيق التنمية الفاعلة وتعزيز مفهوم التعلم مدى الحياة اللازم لرفع مستوى الإنتاج الاقتصادي والبيئي والاجتماعي والفكري والعلمي، ما يذكره قادة العمل التربوي فيما يخص اعتماد اختيار تخصصات مهنية وتقنية أكثر قبولا في سوق العمل، وهذا يتطلب اختفاء تخصصات غير مجدية، والعمل الحثيث لتغيير آلية امتحان التوجيهي المرهقة ورهبته، التي تتمحور في قياس قدرة الطالب على تخزين المعارف وتفريغها بعيدا عن التوظيف المنتج التنموي لها، مما يلقي كامل المسؤولية على الوزارة في المرحلة الحالية الحساسة لاتخاذ قرارات وإجراءات جريئة لمنهجية ثانوية عامة تسوق الطالب للتخصص في المادة التعليمية إضافة للغة والثقافة والمتطلبات المهنية والتقنية، وحبذا لو تم تضمين مجال التدريب التطبيقي لصقل شخصية الطالب وصولا لسوق العمل والمهن في المستقبل، وحمل الوطن لأفق أكثر استقرارا وأمانا وحيوية.
لقد أصبح لزاما التحول لحشد العمل والطموح والتضامن والحلول لاستعادة خسائر التعلم المرتبطة بالوباء وبضعف البنية التحتية التكنولوجية وقصور ثقافة استثمار التقنيات والتكنولوجيا بعيدا عن اللهو العشوائي غير الممنهج، والبدء بالتأسيس لتعبئة الجيل والمعلمين والمجتمع المدني لدعم تحويل التعليم إلى عجلة تنمية، ولإنقاذ المشهد الوطني الذي صرح المسؤولون بأنه مربك، وبأن الجهد الذي بذلته وزارة التربية والتعليم كان كبيرا فيما يتعلق بالتعويض الوجاهي والإلكتروني. وبهذا يكون على القائمين على الخطط التربوية أن يساهموا في وضع آليات للحلول بعيد عن أي تدخل يستنزف الطلبة وأسرهم، وبما يعوض هوة التراجع في المواد الحيوية التي تنعكس مردوداتها على الواقع الوطني فيما يتعلق بالتنمية وتطوير الاقتصاد، وكذلك العمل على تصويب مسار المعلم الذي تحول كتجار الحروب يتاجر في الدروس الخاصة.
أصبح على القيادات التربوية حشد الجهود للمرحلة القادمة لصنع التناغم بين عناصر العملية التعليمية، وتوعية الآباء والأمهات بآليات استخدام الوسائل التقنية لمساعدة أبنائهم وبناتهم، كوعاء اجتماعي يعي المرحلة بطريقة مختلفة وخلاقة، ويعلم أن التعليم يغطي كل الحاجات الجديدة في المجتمع ويرتقي في السلم الاقتصادي والاجتماعي.