جاءت توجيهات الملك عبدالله الثاني بتجميد الضريبة على مادة الكاز لتخفيض سعرها على الناس طيلة فصل الشتاء ، رغم ظروف الدولة الاقتصادية الصعبة وضيق الموازنة العامة ، للتأكيد أنه يعيش هموم الناس كواحد منهم ، فالهاشميون تعودنا عليهم في الأردن أنهم ملوكا فينا وليس علينا والفرق كبير بين المفهومين ، فعندما تشتد المحن وتزدحم الأزمات وتتراكم الصعوبات تمتد يد الملك ويأتي قراره ليكون انحيازا للناس ، وهذه فلسفة الحكم الذي قام في الأردن منذ أكثر من مئة عام .
لقد انحاز الملك للناس رغم صعوبة الأرقام وتعقيداتها وهو يعيش الأزمة على مدار الساعة ، مشتبكا مع حكومته وكل مؤسسات الدولة للتخفيف عن الأردنيين الذين صبروا وتحملوا الكثير في ظل أزمة اقتصادية ضاغطة ليحافظوا على بلدهم ودولتهم ، لأنهم يدركون أن هذا البلد هو رأس مالهم ، وأن الملك سينحاز إليهم وإلى عيشهم الكريم .
كلنا يدرك الظروف الاقتصادية التي يمر بها الأردن ، وجميعنا يعلم تماما طبيعة الموارد القليلة التي ترفد خزينة الدولة ، إلا أن الملك كصاحب القرار الأول كما أشرت يقدم دائما مصلحة شعبه على كل الأولويات ، فهذه ميزة العلاقة في الأردن بين الحاكم والمحكوم ، علاقة تخاطب دائما علاقة الأب بأبنائه ، لأنه يدرك ما معنى أن يكون القائد مسؤولا أمام الله العظيم والتاريخ والناس ، ولأنه من عترة طاهرة يلوذ بهم الناس عند الشدائد بعد ربهم الجليل .
حكومة الملك صدعت فورا للتوجيه السامي عندما أعلن رئيسها بشر الخصاونة أن الحكومة وضعت التوجيه الملكي موضع التنفيذ ، وأعلن أنه لن يتم رفع سعر الكاز حتى لو ارتفع عالميا حتى نهاية فصل الشتاء ، والتزم بأنه سيتم تخفيضه في ضوء السعر العالمي إذا انخفض ، هذا في الوقت الذي يستعد به مجلس النواب لمناقشة موازنة الدولة ، ولاشك أن هذه الموازنة تعاني من صعوبات كثيرة ومعقدة ، لكن حياة الناس أهم التي اكدتها فلسفة التوجيه الملكي اليوم ..
الملك شغله الشاغل حياة الأردنيين ، وضمانة أن تكون كريمة للحفاظ على أمنهم المعيشي ، يجوب العالم ليشرح معاناة الأردن الاقتصادية وأهمية أن يخرج من هذه الأزمة للحفاظ على أمنه وأمن المنطقة ، فموقعه الجيوسياسي يشكل نقطة ارتكاز للمنظومة الأمنية في المنطقة ، كما أن ظروف هذه المنطقة قد رتبت عليه التزامات كبيرة لم يكن طرفا فيها ، فهو يكاد يكون الوحيد الذي يعيش ارتدادات الزلزال الذي يضرب في منطقتنا منذ عقد.
التوجيهات الملكية اليوم جاءت ليتنفس الأردنيون الصعداء ولو قليلا ، في هذه الظروف الضاغطة على حياتهم ، ولتؤكد لهم أن الملك معهم ومع كل همومهم بكل التفاصيل الصغيرة والكبيرة ، وسعيه الدائم لأجلهم ولأجل مستقبل أبنائهم .