قطاعنا المائي .. لا تعبثوا به
د. عدنان سعد الزعبي
02-01-2023 03:54 PM
أقر وبالعشرة أن إسرائيل ومنذ عام 2010 وهي تماطل في موضوع مشروع البحرين (الأبيض -الميت)، وأنها مارست سياست التعطيل رغم توقيعها على اتفاقية تنفيذ المشروع عام 2012 في واشنطن، وسايرتنا في مشروع الدراسات الأولية الفنية والبيئية لفترة زمنية طويلة. وكان هدفها هو ايصالنا لنقطة حرجة تقتضي شراء المياه منها، ووضع حاجتنا المائية بيدها، ولم ننتبه بأن إسرائيل كانت تنفذ أكبر مشروع للتحلية على البحر الأبيض وبكميات تزيد عن (700) مليون متر مكعب وتسابق الزمن لاستكماله، بينما كانت لغتها الدولية، تروج لأهمية التعاون بين الدول بحجة جعل العملية السلام ذو فائدة ومعنى وتجسيد لمفهوم السلام بين الشعوب، كشعار خبيث لمفهوم السيطرة على هذه الدول، وجعل مواردها بيد إسرائيل وبالتالي التلاعب بمصير هذه الدول وشعوبها. وما اتفاق الطاقة مقابل الماء إلا دليل واضح ومكمل للمخطط الإسرائيلي، الذي جعل من الغاز مدخلا اجبرنا عليه بعد التمثيلية التي عشناها حول خط الخاز مع مصر بمخطط إسرائيلي، إضافة لعدم تنفيذ الخط العراقي الأردني للنفط حتى الآن.
الأردن يجب أن يركز بكل إمكاناته على تنفيذ مشروع الناقل الوطني (العقبة عمان) وأن يسارع في التنفيذ وقبل عام 2028 فالواقع المائي يزداد تعقيدا، ولا بد من الاعتماد على التحلية وبإستراتيجية متكاملة وعملية وواقعية، تتمثل في زيادة التحلية كلما زادت الحاجة، وتطبيق سياسات صارمة في موضوع الفاقد، فنسبة الـ 50% وبواقع مائي حزين وشحيح يأخذ أهمية مضاعفة على الصعيد المائي والصعيد المالي، خاصة وأن كلفة المتر المكعب الواحد تزيد عن 2.5 دينار. لهذا فخسارة 230 مليون متر مكعب من مياه الشرب سنويا، عن طريق الفاقد الفني (تسريبات وضياع 25%) أو الإداري (بالسرقات، وأخطاء العدادات 25%) يعني فقدان ما يزيد عن 100 مليون متر مكعب بالفيزيائي وحوالي 130 مليون مترا بالإداري، يعني أننا نخسر سنويا ما يزيد عن 300 مليون دينار أردني ناهيكم عن خسارة كميات المياه التي لا يستهلكها المواطن، وهذا المبلغ كفيل بتطوير مشاريع مياه لايقاف النزيف المائي الكبير الذي نعانيه من هذا الفاقد، وبالتالي توفير على الأقل ما بين 5-70 مليون متر مكعب لمعالجة زيادة الطلب سنويا، وهنا نتساءل، أين دور الشركات التي أنشئت مع بداية هذا القرن، من أجل معالجة الفاقد وتحسين الخدمة ومستواها للمواطنين. فمنذ إنشائها لم نجد ثبات بالتحسن كما هو الشرط، بل على العكس وجدنا زيادة بالفاقد، والتبرير كما عهدناه دائما, زيادة كميات الضخ، رغم أن خطة القطاع قبيل مشروع الديسي كان معالجة الفاقد الفيزيائي وبشكل متدرج لنصل الى 20%، حيث انفق ما يزيد عن 350 مليون دولار من أجل تحسين الشبكات وضما استمرارية تدفق المياه بالانابيب.
التعامل مع قطاع المياه في مثل مصيبتنا يتطلب، كفاءات مخلصة، وشباب متحمس ووفي للعمل، وتعاون ووعي الجميع، وأن يبقى مفهوم الحصاد المائي في المنزل والشارع والأراضي الزراعية هدف أساسي ومستمر، فكم سنجني من حصاد 20 متر مكعب من الامطار الهاطلة على الاسطح المنزلية، وكم هي الكمية التي يمكن حصادها من الهطول المطري في المزارع والأراضي التي تستقبل الامطار سنويا بالحفائر والبرك والسدود الصغيرة التي بإمكان قواتنا المسلحة /الهندسة، تفعيلها وتطويرها
فإدارة الطلب تتطلب إدارة متعمقة في المصادر المائية، وفي الاستهلاك وفي الاستخراج وفي التعامل مع المصادر الأخرى كمعالجة المياه المالحة، وزيادة استخدام كميات مياه الصرف الصحي المعالج لأغراض الزراعة. بحيث نتجاوز الـ 150 مليون متر مكعب، بعد إيصال، هذه الخدمات للمواطنين الذين خدمت مناطقهم جنبا الى جنب توعية الناس بأهمية استخدام تكنولوجيا الترشيد.
من الضروري أن تركز استراتيجيتنا على مصادرنا الداخلية، ونخطط لها بإحكام، فالناس ضجت من التقارب مع إسرائيل، وهم على استعداد للتحمل ولكن لهدف سامي في التعويض المستقبلي من مشاريع وطنية واقليمية مع الاشقاء العرب، فسوريا اليوم غير سوريا بالأمس، ولا بد من إعادة النظر بالعلاقات خدمة للمصالح الأردنية السورية المشتركة.
فنحن نتأثر بشكل واضح بالتغير المناخي، كذلك نظرتنا نحو التنمية والاستثمار الاقتصادي، كل هذا يحتاج لرؤية جديدة نتعامل معها، بعيدا عن الشكوى، واللطم وتعليق همومنا المائية على الظروف. فالاساس أن نمضي بنظرة امامية، كما هو الحال بمشاريع التحلية وبطاقة بديلة كالشمسية، والصخر الزيتي والرياح والطاقة النووية.