البيتكوين وتصاعد حدة الحرب الاقتصادية على غزة
معتز خليل
02-01-2023 01:08 PM
يعاني قطاع غزة من أزمات لا تنتهي، وهي الأزمات التي تأتي دوما لسبب رئيسي وهو الحصار الذي يتعرض له هذا القطاع منذ سنوات .
وفرض هذا الحصار الكثير من التحديات الاقتصادية على غزة، ومنها تغيير طريقة وأسلوب إرسال الأموال، خاصة مع صعوبة إدخال الأموال السائلة إلى غزة، فضلا عن صعوبة التحويلات لمبالغ مالية ضخمة إلى القطاع.
ما الذي يجري ؟..
في ظل الحصار المفروض على قطاع غزة لجأت قيادات المقاومة إلى استخدام البيتكوين أو منظومة العملات المشفرة، في خطوة سعت المقاومة من خلالها إلى التغلب على هذا الحصار بأي طريقة.
رغم تحذيرات الجهات الأمنية، إلا أن الإقبال على منصات شراء وبيع العملات الرقمية ينتشر في غزة، إذ يوجد 500 مكتب وعامل في مجال الصرافة، من بينهم 150 لديهم رخصة للعمل وفق بيانات وزارة الاقتصاد الوطني، ثلث هذه المكاتب يتعاملون في مجال العملات الرقمية بحسب إفادات 8 صيارفة التقاهم معد التحقيق، وتراوح عمولات السحب والإيداع في المنصات فيما بين 1% و3%، ويتغير السعر حسب العرض والطلب.
وقامت المقاومة بتلقي الكثير من المبالغ الخاصة بالمساعدات عبر البيتكوين من إيران أو من الكثير من الجهات الداعمة لها، غير ان العام الماضي لم يكن قاسيا فقط على تجار العملات المشفرة في العالم بعد الهبوط المدوي الذي سجلته عملة بيتكوين وإيثريوم، وانما وصل تأثيره أيضا داخل قطاع غزة المحاصر وعلى حكومة حماس والفصائل الفلسطينية التي تتلقى دعما ماليا خارجيا يأتي من طهران عبر هذا النظام المالي الذكي.
ويأتي كل هذا حتى وان استطاع قسم الأمن السيبراني لدولة الاحتلال أن يقتفي أثر بعض التحويلات ويصادر منها مئات الآلاف من الدولارات، وهو ما عبر عنه من قبل وزير الدفاع الإسرائيلي السابق بيني غانتس والذي أشار إلى النجاح في مصادرة الكثير من الأموال المرسلة إلى منظومة المقاومة عبر البيتكوين .
ويشير الزميل فاضل المناصفة في مقال له نشره أخيرا حمل عنوان " انهيار سوق البيتكوين يزيد من متاعب الحكومة والفصائل في غزة" إلى دقة هذه النقطة، مشيرا إلى أنه وفي الوقت الذي لا تفصح فيه حركة حماس عن القيمة المالية التي وصلتها بالبيتكوين يقدم الاحتلال تقريرا مفصلا عن الأموال والمحفظات الرقمية التي صادرها .
ويعرض المناصفة تفاصيل هذه التحويلات، وعلى سبيل المثال وفي شهر ديسمبر 2021 قدمت سلطات الاحتلال تقريرا أمنيا يفيد بأنها صادرت 750 ألف دولار من 12 حساباً رقمياً، تشمل حوالي 30 محفظة رقمية تابعة لشركة صرافة تنشط في غزة لها علاقة مباشرة بحماس وخلال سنة 2022 صادر الاحتلال 150 محفظة رقمية، بقيمة 830 ألف دولار أميركي لها علاقة بـ "شركة المتحدون للصرافة"، الأمر الذي يزيد من دقة هذه الأزمة.
ويشير تحليل مضمون الكثير من التقارير الاقتصادية إلى أنه حتى التحويلات المتبقية في الأرصدة النائمة والتي لم يكشف عنها بعد قد سجلت خسائر كبيرة شأنها شأن ما يحدث في السوق العالمية، وهو ما يعني أن أحد أهم منابع المال السهل التي كانت حماس والجهاد الإسلامي قد جفت.
أبو عبيدة ..
وقد دعت الكثير من القيادات الفلسطينية إلى دعم المقاومة بالمال وإرساله عبر تطبيق البيتكوين صراحة، وهو ما قاله من قبل المتحدث باسم كتائب القسام “أبو عبيدة”، عبر تطبيق التراسل الفوري (تليغرام)، والذي دعا وبشكل مباشر جميع المتعاطفين مع القضية الفلسطينية الى دعم الجناح العسكري للحركة بالمال من خلال عملة بتكوين، وصدرت تلك الدعوة من دون تقديم إيضاحات ولا حتى أرقام عن القيمة المالية التي وصلت عبر هذا النظام المالي .
ويصف المناصفة هذه الدعوه بأنها ليست بغريبة قائلا: "الأمر ليس غريبا ما دامت حماس لا تفصح عن إيراداتها ولا موازنتها المالية السنوية وهو ما يعني أن موضوع الفوائد التي جنيت والخسائر التي سجلت في تحويل البيتكوين الى عملات كلاسيكية تخفي وراءها نقاط استفهام كبيرة خاصة وأن الامر يتعلق بأرصدة سرية لا يعرفها الا دائرة ضيقة من علية القيادات".
ويشير تحليل مضمون الكثير من التقارير الاقتصادية الفلسطينية المهنية بهذه القضية إلى أنه ومنذ إعلان كتائب القسام، الذراع العسكرية لحركة حماس، استقبال التبرعات لدعم المقاومة بعملة البتكوين الرقمية، في شهر يناير 2019، فرض الاحتلال رقابة صارمة على منصات التداول، ولاحق حسابات الغزيين ومحافظهم الإلكترونية، وأغلق المئات منها، وصادر مئات آلاف الدولارات، وفق الباحث أبو جياب.
وفي يوليو/تموز عام 2021، قالت وزارة الحرب الإسرائيلية إن وزيرها بيني غانتس، أمر بمصادرة حسابات العملات المشفرة التي تستخدمها حركة حماس لجمع الأموال، وبعدها ادعى الاحتلال "كشف شبكة من المحافظ الإلكترونية تستخدمها حماس لجمع الأموال باستخدام بيتكوين والعملات المشفرة الأخرى"، وهو ما قالته من قبل صحيفة العربي الجديد الصادرة في لندن بتقرير لها.
ويستغل الاحتلال قوانين مكافحة الإرهاب الدولية، ويزعم أن أصحاب المحافظ يدعمون جهات لها علاقة بالإرهاب، ليخاطب تلك المنصات ويطلب تجميد أرصدتهم.
تقديرات اقتصادية..
عموما فإن التقديرات الاقتصادية تشير إلى صعوبة الأوضاع الاقتصادية في غزة ، وهو ما يدفع بالكثير من القيادات السياسية والاستراتيجية في المقاومة إلى البحث عن أي أطر جديدة في تحويل الأموال أو إرسالها، الأمر الذي يزيد من سخونة التنافس عبر هذا الإطار الاقتصادي بوضوح في ظل التطورات الاستراتيجية التي تعيشها المنطقة.