لله درك أيتها الوردية ..12-07-2007 03:00 AM
حملتني الى قصص عشقية بعيدة، وانا أخطو بقدمي المتعبتين في أرجائها المغلّفة بسحر أسطوري المكان، عندما دعاني عدد من الأصدقاء لزيارتها قبل عامين. لم أكن أدرك بعد، سطوتها على كل من يأتيها، أسرني غموضها وأدهشني شموخها . تستقبلك على استحياء، فإذا مشيت في ممرها الطويل فاجأتك برائحة التاريخ وألق الحضارة الذي لا يزال مكتنزا بصخورها العالقة . البتراء، الحلم المحفورالذي تشكل منذ آلاف السنين على أيدي الأنباط القادمين من شبه الجزيرة العربية قبل أكثر من ألفي سنة. ووضعوا لمساتهم الأولى في صحراء مترامية الأطراف. واتخذوا منها عاصمتهم الحصينة.ودامت بين 400 ق م وحتى 106 م، وامتدت من ساحل عسقلان في فلسطين غربا وحتى صحراء بلاد الشام شرقا. ونظرا لموقعها المتوسط بين حضارات بلاد ما بين النهرين والشام والجزيرة العربية ومصر، وأمسكت دولة الانباط بزمام التجارة بين حضارات هذه المناطق وسكانها وكانت القوافل التجارية تصل إليها محملة التوابل والبهارات من جنوب الجزيرة العربية والحرير من غزة ودمشق والحناء من عسقلان والزجاجيات من صور وصيدا واللالئ من الخليج العربي. فكانت قِبلة التجار والعشاق والحالمون في مكان أشبه بالجنة. وحفرت ملامحها في صخر "وادي موسى" الوردي. متكاملة فيها كل المعالم الأساسية للمدينة، من "الخزنة" إلى المدرجات العامة التي بنيت للاحتفالات والاجتماعات العامة، إلى "المحكمة" وأماكن العبادة، وبيوت أهلها المحفورة في صخرها الوردي الملون. و تتميز بمدخلها المحكم، حفرت بين جبال شاهقة صلدة مع "السيق" التي تظهر على جنباته بقايا غرف الحرس ومناطق المراقبة. ونظامها المائي الفريد، إذ تتوزع فيها أقنية مبنية بشكل هندسي يضمن انسياب الماء بفعل الجاذبية من منابعه وعيونه إلى كافة المناطق الحيوية في المدينة. وما زالت آثارهم تشهد لهم بالعلم والمعرفة والعراقة بعد مرور أكثر من ألفي عام. وليس غريبا أن ينصفها الزمن أخيرا، لتكون احدى العجائب التي لا تنسى عبر الحياة...
|
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
رمز التحقق : |
تحديث الرمز
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة