facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




مسيح فلسطين يولد كل يوم ..


د. محمود الشغنوبي
31-12-2022 08:07 AM

يرتبط تاريخ فلسطين إلى حد بعيد بالنصوص الدينية الثلاث "اليهودية والمسيحية والإسلامية"، ويرتبط كذلك بالواقع السياسي والسكاني.

فلسطين أرض الرسالات وقبلة المسلمين الأولى ومهد الحضارات الإنسانية، حيث مرت على أقدم مدينة فيها وهي أريحا، إحدى وعشرون حضارة منذ الألف الثامن قبل الميلاد. وفي فلسطين تتكلم الشواهد التاريخية عن تاريخ هذه الأرض الطويل والمتشابك منذ ما قبل التاريخ، حيث كان اليبوسيون والكنعانيون أول من استوطن هذه الأرض.

كان هيرودوتس وغيره من كتّاب اليونانية واللاتينية، هم الذين أطلقوا اسم فلسطين على أراضي الساحل الفلسطيني، وفي بعض الأحيان كانوا يشملون بالاسم أيضا تلك الأراضي الواقعة بين الساحل ووادي الأردن.

وفي مستهل عهد الإمبراطورية الرومانية، أطلق اسم فلسطين على المنطقة الواقعة حول القدس، كما استخدم الاسم نفسه أيضا زمن البيزنطيين للتدليل على الأراضي الواقعة غربي نهر الأردن، والممتدة بين جبل الكرمل وغزة في الجنوب.

وجدت آثار الوجود البشري في منطقة جنوبي بحيرة طبريا، وهي ترقى إلى نحو 600 ألف سنة قبل الميلاد، وفي العصر الحجري الحديث أنشأت المجتمعات الزراعية الثابتة، ومن العصر النحاسي وجدت أدوات نحاسية وحجرية في جوار أريحا وبئر السبع والبحرالميت، ووصل الكنعانيون من شبه الجزيرة العربية إلى فلسطين بين 3000 ق.م. و 2500 ق.م.

خلال السنوات الأولى من القرن العشرين، بدأت الحركة الصهيونية بتنظيم الهجرات اليهودية إلى فلسطين، ومن ثم تلى ذلك هجرات متلاحقة لليهود هربا من الاضطهاد النازي لهم، فقاموا بممارسة أبشع أنواع الاضطهاد على سكان فلسطين، وارتكبوا العديد من جرائم الحرب والتطهير العرقي، و قاموا بتهجير الفلسطينيين من أراضيهم بالسلاح و الإجرام، بعد ذلك أعلن المجلس اليهودي قيام دولة إسرائيل على الأرض التي يطلق عليها اليوم أراضي 48 والتي تعترف بها الأمم المتحدة وأغلب دول العالم بها كدولة إسرائيل. تم الإعلان عن تأسيس دولة إسرائيل عام 1948. في هذا العام وبعده نشبت عدة مواجهات مع الفلسطينيين والجيوش العربية التي رفضت قرار الأمم المتحدة بتقسيم الأرض إلى أراضي عربية وأراضي إسرائيلية.

كل ما ذكر كان موجزاً مختصراً لتاريخ فلسطين، ومنذ أن سقطت فلسطين في قبضة الاحتلال، بدأ مسلسل لا يتوقف من المعاناة يحاصر الفلسطينيين جراء سياسات سلطات الاحتلال التي استهدفت الشعب الفلسطيني بكل مقدراته ومكوناته وتفاصيله اليومية، من خلال جملة من الممارسات التعسفية من قتل، وجرح، واعتقال، وتشريد وإبعاد، وإقامة جبرية، ومصادرة أراض واستيطان، وجدران، وحواجز، وبوابات، واقتحامات، وحظر تجول، وحصار، وقتل للأطفال، والقائمة تطول.

لم يكن الطفل الفلسطيني بمعزل عن هذه الإجراءات التعسفية التي تمارسها سلطات الاحتلال، بل كان في مقدمة ضحاياها، رغم الاتفاقيات والمعاهدات والمواثيق والقوانين الدولية التي تنص على حقوق الأطفال، وفي مقدمتها "اتفاقية حقوق الطفل"، التي تنادي بحق الطفل بالحياة والحرية والعيش بمستوى ملائم، والرعاية الصحية، والتعليم، والترفيه، واللعب، والأمن النفسي، والسلام.

لقد شكلت عمليات استهداف الأطفال الفلسطينيين وقتلهم سياسة ثابتة اتبعتها القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية منذ أن جثمت على صدر العرب في فلسطين، واعتُمدت على أعلى المستويات، ما يفسر ارتفاع عدد الشهداء الأطفال، كما وثَّقت المؤسسات الحقوقية للدفاع عن الأطفال في فلسطين.

"الثائر الفلسطيني الأول" السيد المسيح عيسى ، كان يردد دائما "المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة"، تلك الكلمات التي وردت في إنجيل لوقا من الكتاب المقدس.

السيد المسيح كان ثائراً على الظلم والاضطهاد وعلى كهنة المعابد من اليهود وعلى الرومان المحتلين لأرض فلسطين، ليحمل حينها رسالة الحرية والمساواة والعدل والسلام التي ما زالت فكرتها خالدة حتى يومنا هذا.

أطفال فلسطين يشبهون عيسى في السير على طريق الاَلالم من أجل الحرية، فأن تكون كنعانياً فلسطينياً، ويكون لك ملامح تشبه الأرض التي أنبتتك، فإن نوعاً خاص من الثقافة سيحدد ملامحك، ونوع الحياة التي ستعيشها، كل ذلك يعني أنك ترسم نموذجاً يشبه الزيتونة وغرزة الثوب وحكايات الأجداد ورواية أصحاب الأرض الأصليين.

وكما نجا الطفل يسوع من جرائم ذبح الأطفال آنذاك قبل ألفي عام، يسوع الناصري الذي يصادف ذكرى مولده في هذه الأيام في مغارة كنيسة المهد، هو اليوم الذي تحيه البشرية جمعاء بمولد هذا الرسول الفلسطيني الثائر الذي حمل الفكرة التي لم تمت، بل انتشرت رسالتها من القدس مهد المسيحيين العرب الى أصقاع الأرض كافة.

كل أطفال فلسطين يشبهون عيسى ابن مريم، وكما كان يسوع المسيح يتحدث عن آلاَمه قبل قرنين من الزمن، وقال لأصدقائه، وهو في طريقه إلى بيت المقدس لدخولها، ما ينتظره في المدينة المقدسة في النهاية، لكن كلامه لم يفهم انذاك، لأن إيمان التلاميذ كان لا يزال غير ناضج، ومتقيداً للغاية بذهنية ذلك العالم.

كأبطال الحكايات الشعبية الفلسطينية، فالطفل الفلسطيني إنسانٌ لا يقهر، وقادر على مجابهة أحدث أسلحة القمع التي ابتكرها "الجيش الّذي لا يقهر".

ورغم ذلك، تشرق على فلسطين شمس مع كل إشارة نصر يرفعها طفل مبتور الأصابع في تحدٍ عنيد لآلة الموت الإسرائيلية.

يُطلق على الفترة الأخيرة التي أمضاها السيد المسيح في القدس أسم أسبوع الآلام ويبدأ بدخول يسوع المسيح إليها بسعف النخيل دخول المنتصر.

انه التماثل.. فحياة الثائرين هي كفاح دائم لمحاربة كل أشكال الظلم والاضطهاد والاستغلال والقهر، هي حياة نضال ومقاومة وتحدي من أجل بزوغ فجر جديد تنسج خيوط نوره الحرية والعدالة والمساواة لكل الشعوب المستضعفة بالأرض، وبالاستقلال الوطني لشعبنا بدحر الاحتلال الاستيطاني البشع الجاثم فوق ترابنا الوطني.

إن ليلة ميلاد الثائر الأول هي ذكرى ليست حكراً على المسيحين، بل هي كما باقي المناسبات الدينية والوطنية التي يمتلكها ويفخر بها الكل الفلسطيني الواحد، لقد كان المسيح تعاليم وفكرة، والفكرة لم تمت بل امتدت وأنتشرت، وهكذا هم كل الثوار.

حمل أطفال فلسطين الفكرة، وكل عام وجميع أبناء شعبنا بحالٍ أفضل، بأمل أن يحمل المستقبل القريب القادم بشائر الحرية والاستقلال الوطني والتقدم لنا جميعاً.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :