هل الانترنت وسيلة التواصل والتعبير المثلى في عالمنا المعقد والمضطرب؟
السؤال ليس بجديد، لكنه بات أكثر إلحاحاً على جميع مستخدمي الفضاء الافتراضي في العالم نظراً للدور المتعاظم لهذه التقنية في حياتنا على اختلاف تلاوينها في ظل منافسة حامية بين جميع وسائل الاتصال التي قدمتها لنا العولمة.إذا رغبنا في طرح السؤال من زاوية عربية فسأكون حتماً من المنحازين وبقوة للإجابة بنعم.. أنا أفضّل الانترنت وسيلة بحث ومعرفة وتعبير عن باقي وسائل الإعلام العربية التقليدية على الرغم من المحاذير الكبرى التي تطرحها الانترنت من حيث الدقة والمصداقية واحتمالات الانزلاق خلف غرائز طائفية وعصبية وعنفية أيضاً، وهي محاذير لم يسلم الإعلام التقليدي من الانحدار نحوها في أي حال.
أخيراً، أصدرت «الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان» تقريراً عن استخدام الانترنت في العالم العربي. الأبرز في التقرير كان رصده وتوثيقه الدقيق لواقع الانترنت في جميع الدول العربية، والذي يظهر في محصلته اتساع جبهة المواجهة بين الحكومات العربية والانترنت. فقد تضاعف اتجاه عدد كبير من الحكومات العربية إلى حجب عدد من المواقع أو المدونات وصولاً إلى اعتقال وسجن مدونين أو صحافيين أثاروا قضايا معينة عبر الفضاء الافتراضي العربي. ولا ننسى ما تعرض له المدون الليبي ضيف الغزال الذي قتل وشوهت أصابعه في رسالة واضحة إلى الشريحة الجديدة من الصحافيين الليبراليين العرب، كما لا ننسى سجن مدونين كثر في بعض الدول العربية.
باتت قضايا الرأي وحرية التعبير والديمقراطية أكثر جدية في طرحها عبر شبكات الانترنت من شاشات التلفزة أو الصحف، وبالتالي كثفت الحكومات العربية من مواجهتها لهذه التقنية الثورية..
بحسب تقرير الشبكة أيضاً، فقد تضاعف عدد مستخدمي الانترنت العرب من 14 مليونا عام 2004 إلى 26 مليونا عام 2006. ولعل قوة الجذب الأولى في عالم الانترنت هي الإمكانية الفعلية لوجود هيئات ومنظمات وأفراد مستقلين يعبرون بحرية فعلية وجدية عن قضايا ما زال الإعلام التقليدي يتعثر في طرحها. فالإعلام في العالم العربي لا يزال إعلام حكومات وأحزاب وقوى مالية، لذا فإن الفضاء الافتراضي بات ساحة مغرية لعدد من الهيئات الحقوقية والانسانية المستقلة والمثقفين، والأهم اليوم للمدونين الذين بدأوا يشكلون نواة تعبير فعلية عن هموم شخصية وعامة كثيراً ما كشفت عن المسكوت عنه في العالم العربي عبر تناولهم تفاصيل غير معلنة عن طبيعة الحياة في مجتمعاتهم.
صحيح أن المواقع الإسلامية لا تزال هي الغالبة، فمن بين الـ 100 موقع الأكثر شيوعاً باللغة العربية، أتت 10 مواقع اسلامية متشددة في الدرجة الأولى، مع ذلك فإن مساحات لمواقع علمانية وليبرالية بل حتى لا دينية بدأت في الظهور والتقنيات الحديثة تفسح السبيل لخلق إمكانية مواجهة فعلية مع محاولات الحجب والمنع.
من المهم متابعة كيف ستتطور علاقة العرب، حكومات وأفرادا، مع هذه التقنية المتطورة