ما بعد المونديال ليس كما قبله
عامر الشعار
28-12-2022 09:30 PM
ليس من المبالغة في شيء هذا العنوان إذا ما نظرنا بعين المتفحص لكل ما رافق هذا المونديال من لغط كبير كان يعكس بطريقة أو بأخرى حالة من الصراع الخفي لم تتوانى الصحف الأوروبية والإنجليزية تحديدًا في إخفائه.
فبدءًا من تذكر الإعلام الغربي وقبل المونديال بأشهر فقط بأن قطر قد فازت بإستضافة كأس العالم وكأنهم للتو قد علموا بذلك الى محاولات محمومة لإقحام قضايا هامشية لا تُعد حتى في أوروبا محط إجماع ، فالمثلية الجنسية ليست أولوية على أجندة المواطن الأوروبي كما أن إتهام قطر بملف وفاة العاملين في المنشات الرياضية وترصيده على حساب ملف حقوق الانسان هو توظيف خبيث لمسألة أقل ما يقال فيها بأنها بُنيت على معلومات مغلوطة.
وبينما كانت قطر وبكل فخر تقدم أحسن ما لديها وتستضيف نسخة فريدة من بطولات كأس العالم وتبث رسائل رائعة عن التسامح والوحدة الإنسانية والأخوة كانت ماكينة الإعلام الغربي تتصيد الاخطاء وتختلق القصص وتفبرك الأكاذيب وتغض النظر عن كل ما هو إيجابي لدرجة أنها لم تبث حفل الافتتاح .
كان بالامكان أن تُستغل إقامة هذا المونديال في منطقة لها خصوصيتها الثقافية كمناسبة لبناء جسور الثقة وردم الهوة بين الحضارات والثقافات المختلفة وفرصة ذهبية للتقارب بين الشعوب من خلال الإطلاع على الآخر والتعرف عليه عن قُرب ، إلا إن ذلك لم يحدث للأسف وفازت قطر ممثلة المنطقة والمتحدثة بإسمها في تسجيل موقف حضاري سواء بالتنظيم أو بتمسكها و اعتزازها بهويتها وحفاظها على خصوصيتها .
أوروبا اليوم في صراع ما بين فرض قيمها وحاجتها الملحة إلى القوى البشرية من حضارات اخرى ويبدو بأن الكفة ليست في صالحها.
يمكن إستنباط العديد من العبر والدروس من هذا المونديال الاكثر من رائع ، ولكن الدرس الأكبر بأننا نستطيع كعرب أن نقدم شيئًا يليق بنا إذا ما أحسنا الإعداد وتخلصنا من العقدة التي لطالما أراد الآخر وصمنا بها.