أربعة خيارات أمام النواب الخارجين عن الخط
د.محمود عواد الدباس
28-12-2022 05:53 PM
غريبة جدا مجريات الأحداث التي وقعت في المجلس النيابي التاسع عشر منذ أن بدأ أعماله في العام ٢٠٢٠ م، بعضها قدري والبعض الآخر منها سياسي وهنالك ما هو تفاعلي يتعلق بوسائل التعبير المعتمدة.
في الدورة الأولى من عمر المجلس الحالي كانت وفاة عضو في المجلس وهو المرحوم حازم المجالي والذي حلت مكانه النائب تمام الرياطي بحكم قانون الانتخاب فهو الثانية بعده في عدد الأصوات في القائمة الانتخابية التي نجح عنها المجالي.
ثم وفي ذات الدورة تم تجميد عضوية النائب أسامة العجارمة لمدة عام بسبب تصريحات له تخص مجلس النواب ثم فصله نتيجة تصريحات سياسية له خارج البرلمان وقد حل مكانه من جاء بعدد الأصوات من ذات القائمة الانتخابية وهو من ذات العشيرة.
أما في الدورة البرلمانية الثانية، فقد ثم تجميد عضوية النائب حسن الرياطي لمدة سنتين بسبب دوره البارز في العراك الكبير الذي وقع داخل المجلس خلال مناقشة التعديلات الدستورية.
ففي هذه الدورة الحالية، وهي الدورة الثالثة عدديا تأتي الأنباء عن استقالة النائب محمد عناد الفايز من مجلس النواب لأسباب سياسية بعد الرسالة السياسية التي حملت اسمه ونشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وربما أنه لن يستقيل ووقتها سيكون مصيره السياسي بين الفصل من عضوية المجلس أو تجميد عضويته مع بقاء احتمال ضعيف أن تترك الأمور على حالها بدون أي إجراء ضده ما دام أنه مقاطع لجلسات المجلس النيابي. هذه سلسلة متواصلة إلى ما تم إلى الان داخل مجلس النواب الحالي ولا نعلم ما هو القادم فهذا في علم الغيب.
المؤكد أن المجالس النيابية السابقة شهدت احداث مشابهة وكان أبرزها في الخمسينات من القرن الماضي عندما فصل أو استقال العدد الكبير من أعضاء المجلس من عدة أحزاب سياسية وهي الوطني الاشتراكي والشيوعي والبعث الاشتراكي بعد أن شكلت تلك الأحزاب الحكومة البرلمانية في العام ١٩٥٦ م والتي اختلفت مع القصر خلال شهور قليلة من تشكيلها؛ لذلك طلب منها الاستقالة ثم جاءت حادثة الانقلاب العسكري في العام ١٩٥٧ م والذي أدى إلى إعلان العمل بالأحكام العرفية ليتبع ذلك الطلب من نواب الحكومة السابقة ونواب آخرين تقديم استقالتهم من المجلس أو أنهم قد تم فصلهم من عضوية المجلس النيابي.
في التسعينات من القرن الماضي وفي المجلس النيابي الحادي عشر تم سجن النائبان ليث شبيلات ويعقوب قرش في العام ١٩٩٢ م وتم الحكم عليهما بالإعدام ثم تم تخفيض الحكم إلى عشرين سنة بتهمة التآمر لقلب نظام الحكم لكن بعد خمسة وسبعين يوما تم اغلاق الملف عبر العفو الملكي وعادا إلى البرلمان.
في بداية الألفية الثالثة وفي العام ٢٠٠٦ م تم فصل عضوين من نواب جبهة العمل الإسلامي من عضوية مجلس النواب وهما محمد ابو فارس وعلي ابو السكر وفقا لأحكام قضائية لمشاركتها في عزاء ابو مصعب الزرقاوي مع الأداء بتصريحات سياسية لهما خلال تأدية العزاء مما اعتبر من وجهة نظر محكمة أمن الدولة أنه يعد بمثابة النيل من الوحدة الوطنية.
لم يطلب من مجلس النواب وقتها التصويت على فصلهما استنادا إلى فتوى من المجلس الأعلى لتفسير الدستور الذي قال إنه وفقا لقرار محكمة التمييز فليس مطلوب من مجلس النواب التصويت على فصلهما وانما يتم اعلام مجلس النواب بالقرار فقط.
وفي المدة الزمنية الأقرب وفي البرلمان السابع عشر في العام ٢٠١٣ م، تم فصل النائب طلال الشريف من عضوية مجلس النواب لقيامه بإطلاق النار على زميله في المجلس وهو قصي الدميسي والذي تم تجميد عضويته في المجلس النيابي لمدة عام لدوره في الحادثة، لاحقا أجريت انتخابات تكميلية في عمان الأولى وفاز هيثم أبو خديجة ليحل مكان الشريف. كما قام مجلس النواب بإلغاء عقوبة التجميد المقررة على الدميسي بعد أن أمضى منها سبعة شهور.
الملاحظة التي أود ذكرها بعد هذا العرض البسيط لهذه الأحداث، أن حالات الفصل من عضوية المجلس النيابي أو التجميد لعضوية النواب فيه ليست جديدة، لكنها في هذا المجلس وأقصد المجلس النيابي التاسع عشر مرتفعة نسبيا مقارنة بالمجالس السابقة باستثناء برلمان العام ١٩٥٦ م، والمؤكد أن حجم الضغوط السياسية متزامنة مع الضغوطات الاقتصادية هي السبب في حالة الاحتقان لدى عدد من النواب والتي خلقت لديهم رغبة في التمرد السياسي لكن النتيجة كانت الفصل أو التجميد وربما الاستقالة؛ لذلك كانت هذه العقوبات التي طالت عدد من النواب هي الأكثر في هذا المجلس أكثر مما سبقه من مجالس نيابية سابقة باستثناء برلمان ١٩٥٦ م كما أسلفنا.
ختاما في تعامل الناس أو الرأي العام مع ما حدث، فهناك اتجاهات مختلفة حسب الحالة، ففي حالة فقدان العضوية بسبب الوفاة نجد أن هنالك حالة في توحد الموقف بين المواطنين مع النواب في الترحم على من توفي من أعضاء المجلس. أيضا وفي بعض حالات الفصل أو التجميد بسبب السلوك غير المقبول أو الألفاظ غير المقبولة من النائب داخل جلسات المجلس أيضا نجد حالة توحد في الموقف بين مجلس النواب مع الرأي العام، لكن في بعض الحالات التي تخص الفصل أو التجميد الذي طال عدد من أعضاء المجلس على أسباب سياسية فإن الرأي العام أما أنه منقسم على نفسه أو أنه بأغلبيته العامة ينظر إلى هؤلاء المفصولين أو المجدة عضويتهم أو المستقيلين أنهم رمزيات سياسية. لذلك خسر هؤلاء مقاعدهم داخل المجلس لكنهم فازوا دعم الرأي العام لهم.