يخرج الشيخ الجليل عبدالمنعم ابوزنط لينتقد من يدعون الى مقاطعة عامة للانتخابات النيابية ، وهو يقصد هنا رفاقه سابقاً في جماعة الاخوان المسلمين.
يرد عليه القيادي الاسلامي المعروف حمزة منصور بكلام كثير ، لان الشيخ حمزة مع المقاطعة ، ويريد لها ان تتسع لتشمل اكبر قطاع ممكن من الاردنيين ، لاعتبارات كثيرة ، ابرزها التأكيد على فشل الانتخابات بعد مقاطعة الاسلاميين.
انا اساساً ضد الهجوم على الحركة الاسلامية بكلام مسموم او بمفردات نابية اوجارحة ، اذ ان الجميع يعرف ان للاسلاميين تأثيرا في الشارع الاردني ، ولهم بصمات واضحة في الحياة السياسية والاجتماعية ، ولهم وقفات تاريخية ايضاً مع البلد في تواقيت حساسة.
مايقال للاسلاميين ان من حقهم ان يقاطعوا ، وان يلزموا قواعدهم التنظيمية بعدم الذهاب الى صناديق الاقتراع ، لان هؤلاء اعضاء مسجلين في جماعة الاخوان المسلمين ، وفي حزب جبهة العمل الاسلامي ، غير انه ليس من حقهم جر البلد بأكمله الى المقاطعة ، عبر نشاطات تجري هنا وهناك ، في توقيت متوتر ، لايحتمل اي مجابهات.
لايساء ابداً الى الشيخ عبد المنعم ابوزنط وله شعبيته الكبيرة ، ومواقفه الشهيرة تحت قبة البرلمان ، ودخل في فترات في مواجهات كثيرة مع السلطات الرسمية ، وهو ايضاً من هذه الزاوية يقول كلاماً مهماً ، لانه يعرف ان المقاطعة قرار سلبي.
مقابله لايساء ايضا للشيخ حمزة منصور الذي يدعو للمقاطعة ويريد ان تتسع في كل مكان ، غير ان الشيخ حمزة منصور ينسى الفرق بين التعبير عن فكرة المقاطعة ببيان ، وهو امر مقبول ، وبين الحشد للمقاطعة على مستويات خارج قواعد الحركة الاسلامية.
الظروف التي قاطع الاسلاميون بسببها ، هي ذات الظروف التي شارك الاسلاميون عبرها في ظروف سابقة ، اذ ترشحوا سابقاً عبر قانون الصوت الواحد ، وفي انتخابات الفين وسبعة لم تكن جمعية المركز الاسلامي بأيديهم ، وافتراض التزوير ضدهم غير منطقي قبل ان يذهبوا لصناديق الاقتراع ويفحصوا الوضع على الارض ، وليس بشكل استباقي.
الذي يحب الاسلاميين ، لايزاود عليهم ، ولايجرح تاريخهم ، ويعلن بصوت مرتفع ان قرار المقاطعة كان خاطئاً ، لان المقاطعة تعني الغياب الاكبر ، عن القرار ، وتعني ايضاً ، الانسحاب من العمل العام ، فوق التراجعات.
فليقاطع الاسلاميون كما ارادوا ، وهو امر محزن بحق ، غيران تعميم فكرة المقاطعة امر جائر ، لان الحركة الاسلامية لم تستفت كل الناس لتعرف ان اتجاه المقاطعة هو السائد ، هذا على الرغم من الاعتراف ان هناك كسلا انتخابيا واحباطا لدى الناخبين والمرشحين.
اذا كنا نحترم رأي الحركة الاسلامية بالمقاطعة فعليها ايضاً ان تترك للناس خياراتها ، وان لاتساعد في هجر الصناديق ، وامتطاء الاسوأ لسرج النيابة ، وقد كان الرشد يفترض مقاطعة الترشيح وعدم منع القواعد من التصويت لمن يريدون.
بما ان المقاطعة شملت الترشيح والتصويت ، فالاولى التوقف عند حد وحدود الحركة وقواعدها المنظمة رسمياً ، حتى لايأتي من يأتي وُيحّمل الحركة الاسلامية لاحقاً مسؤولية اي تشويش او احداث او مواجهات ، او فوضى.
الشيخان عبدالمنعم ابوزنط ، وحمزة منصور ، شيخان اسلاميان فاضلان ، وكليهما خبر النيابة تحت القبة ، وكما يريد الاول المشاركة ، يريد الثاني المقاطعة ، ومابينهما فان افشال الانتخابات في الاردن ، افشال للبلد ، واساءة له في صميم وجوده.
من حقك ان تقاطع ، وليس من حقك ان تأخذ البلد خلفك.
mtair@addustour.com.jo
(الدستور)