عام يلملم بقاياه، لم يكن عاما عاديا، فقد حمل من الأحداث الكثير منها ما هو جميل ومنها ما هو سيء وربما يرقى لأكثر من السوء في وصفه، سيما وقد حملت أيامه الأخيرة حزنا ساد الوطن، في استشهاد أربعة من نشامى الأمن العام، ليضع حاجزا بل سدّا منيعا بوصفه أنه عام جيد رغم أنه حمل الكثير الكثير من الإنجازات والأحداث الإيجابية، على الأصعدة السياسية والاقتصادية والإدارية.

لست أمام حالة وصف لهذا العام الذي حمل لي على الصعيد الشخصي الكثير من الأحداث الايجابية والسعيدة، بحمد الله، لكن هي وقفة على عام ننتزع أواخر أوراق رزنامته بوصولنا اليوم ليومه السادس والعشرين من شهره الأخير، حيث يحتفل الأردن والعالم بعيد الميلاد المجيد وبرأس السنة الجديدة، وكلاهما يضعانا أمام حالة فرح مع وقف التنفيذ، بعدما اتحدت الكلمة الأردنية حتى في فرحها مع الحدث المحلي وقرر مجلس الكنائس أن تقتصر الاحتفالات على الشعائر الدينية في كنائس المملكة كافة، ليبدو العيد هذا العام شكلا جديدا من أشكال الوحدة الوطنية والتعايش في وطن لم يعرف يوما شكلا لنسيجه الداخلي سوى الحال العائلي والأسري.

ورغم هذا الألم الذي سطّر حروفا من دماء شهداء الوطن بنهاية عام 2022، إلاّ أننا نقف أمام عام مليء بالانجازات على صعد متعددة، بدأت بها عجلة التحديث تسير على دربها الحقيقي، وتم قطع شوط كبير نحو الاصلاح العملي والحقيقي، وتجسد ذلك بالتشريعات والإجراءات الحكومية العملية وخطوات القطاع الخاص في الجانب الذي يخصّه عملية بات يلمسها الجميع.

لا يمكن مداراة شمس ألمنا بأي غربال، وألم الوطن، لكن في الوقت ذاته وكعادة الأردن بقيادته الحكيمة ينتزع من الألم الأمل، والانجاز من التحديات، فقد تجاوز الأردن جائحة كورونا بنجاح كبير، وحقق انتصارات ضخمة على تجارة المخدرات، وقطع شوطا في الاصلاح والتحديث، وحقق نموا اقتصاديا بعدد من القطاعات، وحقق انجازات انتخابية، وانجازات على صعد مختلفة من أبرزها سياحية وصحية وتعليمية، وإعلامية، وزراعية، وفي قطاع سوق العمل، والتخصصات الراكدة والمشبعة، وواقع التوظيف في أجهزة الدولة المختلفة، وترشيق الجهاز الحكومي، ومحاربة الفساد وتعزيز النزاهة، وغيرها من الانجازات التي لمسها المواطنون كافة، ولم يأخذ أي منها صيغة الحديث المستقبلي، إنما تجسدت على أرض الواقع بانجازات ملموسة.

أي قراءة بانورامية لهذا العام، ستقود للكثير من الانجازات الهامة وعلى الصعد كافة، فيما تتجه الأنظار الرسمية والشعبية على حد سواء لمزيد من الانجاز والتميّز، وتحقيق الأفضل الملموس، في ظل صورة يصرّ الجميع على عدم تجاوزها بالتصدّي لأي يد غدر تستهدف أمن وسلامة الوطن، فهذا ما لن ينساه الأردنيون بل على العكس يصرّون عليه ويبنون عليه يومهم وغدهم، فالسلام يبقى خطابنا ومحاربة الارهاب والتطرف ومن يستهدف الوطن هو عدوّنا جميعا، هو عام ختامه حزن، وأيامه وأشهره وساعاته ثرية بالمنجزات الحقيقية.

(الدستور)