الرؤوس المستديرة والرؤوس المستطيلة
فيصل الزعبي
12-07-2007 03:00 AM
بعد الإحتفال بيوم البتراء العظيمة ، تم إكتشاف البارود لكثير من الكتاب والمعلقين ، ليعرفوا أن التلفزيون الأردني ، هو تلفزيون حزين ، بائس غير قادر حمل الوطن إعلامياً وبالتالي يمكن القول سياسياً وفنياً .
أخطاء متشابهة في الهجوم عليه والدفاع عنه . اتحدى الطاقات المحلية والعربية وحتى العالمية ، أن يحدثوا تغييراً جوهرياً لهذا اليتيم الذي أسمه التلفزيون الأردني .
لأن الإشكال الحقيقي لا يكمن في التلفزيون وعاملينه إبتداءً من المدير العام إنتهاءً بعمال النظافة،
إنه عقل الدولة ، وأقول عقل الدولة وليس الحكومة . صحيح في كل حكومة تأتي ، يتم تغييرات ما قد تبدو أنها جوهرية ، تحت عنواين إصلاحية مختلفة ، لكن التبديل وليس التغيير يتم مابين ( أصحاب الرؤوس المستديرة وبين أصحاب الرؤوس المستطيلة ). فإذا تأملنا نتاجات التلفزيون بكل فروعها الفنية والإعلامية بشكليها الترويجي والتعبوي ، سنرى بوضوح إنه أصدق مؤسسة وأكثرها شفافية وأقلها خبثاً في التعبير عن جوهر عقل الدولة ، هوموئل السيال العصبي الخفي أحياناً والواضح أحياناً أخرى لنمط التفكير التارخي للشعب والدولة معاً.
عقل الدولة الأردنية هي ليست قيادة ، وإنما نسيج كيميائي من التخمينات والإعتقادات والتخوفات والخزعبلات والهيلمات والجهالات والإستغباءات والفسادات والواسطات والهيمنات والكذبات ، وهو ( أي هذا النسيج ) :
إملاءات وتوجيهات وأُعطيات وتدخلات ، رغبات وعقبات وخذ وهات ، تجعلنا دائمي الإندهشات ، وكأننا للتو نتعرف على هذا الإنحراف الرجيم .
التلفزيون يقدمنا للخارج ولإنفسنا أيضاً بأننا مجموعات من البدو الرحل والفلاحين البائسين .
أيضاً الجمهور جزء من عقل الدولة فهو يكره الأشياء ويكره نقيضها ، يرغب من الخلاص من تفاهات الدراما الأردنية لكنه لايوافق على غيرها ، يعرف أن الرقصات الشعبية المتكررة في الحفلات الوطنية بأنها رقصات غبية غير فنية ومعظم أغضاءها شباب إنقطعوا عن المدارس والثقافة والتعليم ، وبذات الوقت ليس من إستعداد لتقبل غيرها أو نقيضها ( هذا على سبيل المثال لا الحصر ) .
التلفزيون هو معبر صادق عن ألية عقل الدولة برمتها ، وهو تلفزيون واضح وحقيقي ، ولا يستحق كل هذا الذبح .
• عنوان مسرحية للكاتب الألماني ( برتولد بريشت )
faisalzouby@gmail.com